الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يترخص المسافر للدراسة بجميع رخص السفر؟

السؤال

أنا مبتعثة للدراسة في أمريكا، وأخذت بفتوى الشيخ ابن عثيمين فيما يخص جواز قصر الصلاة.
سؤالي هو: هل يجوز لي الجمع أيضاً بدون حاجة؟ أو مثلاً لحاجة بسيطة مثل الذهاب لمكان تنزه، أو أكل، وأنا أعلم أني سأتأخر عن الصلاة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالشيخ ابن عثيمين- رحمه الله تعالى- يرى أن المسافر إذا لم يُجمع الإقامة المطلقة، أو الاستيطان، فإن له أن يقصر الصلاة، ويترخص برخص السفر ولو أقام أكثر من أربعة أيام، خلافا للجمهور, وقد بينا رأي الشيخ- رحمه الله تعالى- في الفتوى رقم: 136550 .

وعلى هذا القول يجوز لك أن تترخصي بسائر ما يُشرع للمسافر أن يترخص به من الجمع، والفطر في رمضان، والمسح على الخفين ثلاثا ونحو ذلك, إلا أن عدم الجمع أفضل في رأي الشيخ ما دمت نازلة في مدينة مستقرة فيها، إلا إذا دعت الحاجة للجمع.

فقد قال- رحمه الله- في شرح بلوغ المرام: الأفضل للمسافر إذا كان نازلا أن لا يجمع إلا لحاجة. اهــ.

وقال أيضا: إذا كان المسافر نازلا، فالجمع جائز، لكن تركه أفضل، فالجمع إذاَ إما سنة، وإما جائز. متى يكون سنة؟ إذا جدّ به السير صار سنة، ويكون جائزا إذا لم يجد به السير؛ ولذلك أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - في تبوك عشرين يقصر الصلاة، ويصلي جمعا، وهو مقيم. فالصواب أن الجمع للمسافر جائز سواء جد به السير أم لم يجد به، لكن إن جد به السير فالجمع أفضل، وإن لم يجد به، فتركه أفضل. اهــ.
وقال في الشرح الممتع: والصحيح أن الجمع للمسافر جائز، لكنه في حق السائر مستحب، وفي حق النازل جائز غير مستحب، إن جمع فلا بأس، وإن ترك فهو أفضل. اهــ.

وأما الترخص بسائر رخص السفر, فقد قال الشيخ- رحمه الله تعالى-: وبناء على ذلك يكون الذين يدرسون في خارج بلدهم مسافرين؛ لأنهم لا ينوون الإقامة المطلقة إطلاقاً، لو أنه أعطي شهادته اليوم لسافر؛ لكنه مربوط بهذا العمل المؤقت المحدد. ولذلك تجد بعض البلاد تكون مدة الدراسة فيها أربع سنوات، وبعضها خمس سنوات، وبعضها ست سنوات، فمن فعل هذا يكون حكمه حكم المسافر، فالمسح على الخفين ثلاثة أيام، والصلاة الرباعية ركعتان، وصيام رمضان لا يلزمه؛ لكننا نقول: لا ينبغي أن يؤخر الصيام إلى رمضان الثاني؛ لأنه إذا أخر صيام رمضان في هذا العام مثلاً وجاء العام الثاني، وأخره إلى العام الثالث، تراكمت عليه الأيام، وربما يعجز، وربما يترك، فلذلك نرى أن الصيام وإن جاز له أن يفطر لأنه مسافر؛ لكن لا يؤخره إلى السنة الثانية؛ لئلا تتراكم عليه فيعجز. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني