الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستثناء في النذر، والشك فيه

السؤال

لدي أربعة أسئلة:
السؤال الأول: هل وعد الله بفعل نافلة بنية إرغام النفس عليها يعد نذرًا؟
السؤال الثاني: نذرت لله فعل شيء، ثم خشيت عدم استطاعتي، فسكت قليلًا، ثم قلت: إن شاء الله، فهل وقع؟
السؤال الثالث: ما حكم النذر لله تحت ضغط الوسواس؟
السؤال الرابع: ما حكم النذر لله، ثم الشك، هل قلت بعده: إن شاء الله أم لم أقل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمجرد الوعد ليس نذرًا؛ لأن النذر لا ينعقد إلا بلفظ يشعر بالتزام المكلف ما نذر، وانظري الفتوى رقم: 105334؛ ولذلك فإن مجرد الوعد لا يجب فيه شيء، ولكن يستحب الوفاء به، خصوصًا إذا كان بين العبد وربه - جل وعلا - وانظري الفتوى: 20417.

وأما الاستثناء في النذر، وكذا في اليمين، والظهار: فيصح، ولكن يشترط لصحته أن يكون متصلًا بها، وألا يفصل بينه وبينها كلام أجنبي، أو سكوت، إلا لعارض لا يمكن رفعه، كسعال، أو عطاس، أو نحوهما، قال ابن قدامة في المغني: يصح الاستثناء في كل يمين مكفرة، كاليمين بالله تعالى، والظهار، والنذر. انتهى . وقال - رحمه الله - أيضًا في المغني: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ، بِحَيْثُ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ، وَلَا يَسْكُتُ بَيْنَهُمَا سُكُوتًا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ فِيهِ، فَأَمَّا السُّكُوتُ لِانْقِطَاعِ نَفَسِهِ، أَوْ صَوْتِهِ، أَوْ عَيٍّ، أَوْ عَارِضٍ، مِنْ عَطْسَةٍ، أَوْ شَيْءٍ غَيْرِهَا، فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَثُبُوتَ حُكْمِهِ، وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وأصحاب الرَّأْيِ، وإسحاق؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ، فَاسْتَثْنَى» وَهَذَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ عَقِيبَهُ، وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ تَمَامِ الْكَلَامِ، فَاعْتُبِرَ اتِّصَالُهُ بِهِ. انتهى. وانظري الفتوى رقم: 64013.

وأما النذر تحت تأثير الوسوسة، فإن كانت الوسوسة تسلب صاحبها الاختيار، فلا شيء عليه؛ لأنه في معنى المكره، وإن كانت لا تسلبه الاختيار فإن النذر يلزمه، وانظري الفتويين: 164941، 184205.

وأما الشك في الاستثناء: فإن حكمه حكم من لم يستثن، قال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: (وَمَنْ شَكَّ فِيهِ) أَيْ: الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنْ لَمْ يَدْرِ أَتَى بِهِ أَوْ لَا (فَكَمَنْ لَمْ يَسْتَثْنِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. انتهى.

وننصح السائلة بأن تعرض عن هذه الوساوس، ولا تلتفت إليها، فإن ذلك خير علاج لها، بعد الاستعانة بالله، والتوكل عليه، وانظري الفتوى رقم: 51601.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني