الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضابط الطيرة أو التشاؤم المنهي عنه

السؤال

إذا كنت لا أحب الذهاب من طريق أو لا أحب التعامل مع شخص ما، فهل هذا يعتبر طيرة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمجرد عدم حبك للذهاب من طريق معين، أو عدم حبك للتعامل مع شخص معين لا يعد طيرة، وإنما يعد طيرة إذا كان عدم الحب سببه التشاؤم, كأن يكون المتشائم بالطريق سببه موت قريب فيه ـ مثلا ـ أو يكون سبب تشاؤمه بالشخص أنه رآه مرة فحصل له حادث بعد رؤيته ـ مثلا ـ فهذا هو المنهي عنه، وأما إذا كان عدم حبه للذهاب من الطريق كونه ضيقا أو مزدحما أو نحو ذلك، فلا يعد من الطيرة، وكذلك إذا كان عدم حبه للشخص كونه مسرفا في المعاصي أو سيء الأخلاق أو نحو ذلك.

قال الشيخ ابن عثيمين في لقاءات الباب المفتوح، وقد سئل عما ظاهره التعارض بين النهي عن التشاؤم، وحديث: إنما الشؤم في ثلاثة ـ فقال رحمه الله: التشاؤم هو التطير بمرئي أو مسموع أو زمان، فيتشاءم مثلاً من النكاح في شوال، كما يفعل أهل الجاهلية، أو يسمع صوتاً يكون فيه مخالفة لما يريد فيتشاءم، أو يرى طيراً يطير جهة اليسار فيتشاءم، والتشاؤم منهي عنه، لأنه يؤدي إلى سوء الظن بالله، وإلى عدم الإقدام على ما فيه مصلحة العبد، وإلى التذبذب في أموره، وربما يؤدي إلى الوساوس التي يحصل بها المرض النفسي فلهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وأما حديث: الشؤم في ثلاثة: في الفرس، والمرأة، والدار ـ فهذا الحديث ورد على وجهين: الوجه الأول: إنما الشؤم في ثلاثة ـ ووجه آخر: إن كان الشؤم في شيء ففي ثلاثة ـ ومراد الرسول صلى الله عليه وسلم: أن نفس هذه الأشياء قد يكون فيها شؤم، فمثلاً: قد يسكن الإنسان الدار ويضيق صدره ويقلق ويتألم من حين يدخلها، أو يشتري المركوب ويكون فيه حوادث كثيرة من حين اشترى ـ مثلاً ـ هذه السيارة، فيتشاءم منها ويبيعها، والمرأة كذلك، قد يتزوج المرأة وتكون سليطة اللسان بذيئة، تحزنه كثيراً وتقلقه كثيراً، فهذا هو الشؤم الذي يذكر في هذه الأمور الثلاثة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، وليس هذا الشؤم المنهي عنه الذي ليس له أصل والذي يوجب للإنسان ما ذكرناه من المفاسد. انتهى.

وقال ـ رحمه الله ـ أيضا في القول المفيد: والمتطير لا يخلو من حالين:

الأول: أن يحجم ويستجيب لهذه الطيرة ويدع العمل، وهذا من أعظم التطير والتشاؤم.

الثاني: أن يمضي، لكن في قلق وهم وغم يخشى من تأثير هذا المتطير به، وهذا أهون.

وكلا الأمرين نقص في التوحيد وضرر على العبيد، بل انطلق إلى ما تريد بانشراح صدر وتيسير واعتماد على الله عزوجل ولا تسئ الظن بالله عز وجل. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 14326، ورقم: 33941.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني