الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع النساء عند البيع، وحكم التبسم، والنظر إليهن

السؤال

أعمل في مجال البيع، ولا بد أن أتعامل مع النساء، فهل يحرم التبسم، والنظر إليهن؟ وكيف أتعامل معهن؟ وهل أكشر في وجوههن؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا أمنت الفتنة، والتزم الرجل الضوابط الشرعية في التعامل مع النساء، فلا بأس عندها ببيع الرجل للنساء، فإن لم يأمن على نفسه الفتنة لم يجز له التعامل معهن، إلا أن يكون محتاجًا، ولا بديل يقتات منه إلا هذا العمل، فليتق الله ما استطاع، وليسع في البحث عن بديل شرعي يسلم له فيه دينه؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا {التغابن:16}.

وأهم هذه الضوابط متعلق بالكلام، والنظر، واللمس، والتبسم كما يلي:
أما الكلام: فالأصل عدم جواز الكلام، والنظر إلى الأجنبية إلا لحاجة، والبيع من الحوائج التي تبيح الكلام بين البائع الذكر والأنثى المشترية الأجنبية، ولكن هذه الحاجة تقدر بقدرها، فلا يجوز له أن يتمادى في الكلام معها لغير الحاجة، وإن تمادت هي، ولا النظر أكثر من قدر تمييزها لحفظ الحقوق في البيع، جاء في الموسوعة الفقهية: يصرح المالكية، والشافعية، والحنابلة بجواز النظر إلى وجه المرأة الأجنبية عند الشهادة، وعند البيع والشراء، وكذلك لها النظر.. قال أحمد: لا يشهد على امرأة إلا أن يكون قد عرفها بعينها، وإن عامل امرأة في بيع، أو إجارة فله النظر إلى وجهها ليعلمها بعينها، وقد روي عن أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز، ولعله كرهه لمن يخاف الفتنة، أو يستغني عن المعاملة، فأما مع الحاجة، وعدم الشهوة، فلا بأس.

و جاء فيها أيضًا: الكلام مع المرأة الأجنبية: ذهب الفقهاء إلى أنه لا يجوز التكلم مع الشابة الأجنبية بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة.

وللمزيد في الضوابط الشرعية التي قررها أهل العلم للتعامل مع النساء في البيع والشراء تنظر الفتوى رقم: 38771.

وللمزيد في ضوابط مخاطبة النساء تنظر الفتوى رقم: 3672 .

وأما اللمس: فإنه لا يجوز لعدم الحاجة إليه، وقد أخرج الطبراني، والبيهقي عن معقل بن يسار ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح ـ وقال المنذري: رجاله ثقات.

ولا يلزم من جواز النظر إلى المرأة في البيع جواز المس، لأن المسّ أشد فتنة، قال النووي: وقد قال أصحابنا: كل من حرم النظر إليه حرم مسه، بل المس أشد، فإنه يحل النظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يتزوجها، ولا يجوز مسها. انتهى.

وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى عدم جواز مس الرجل شيئًا من جسد المرأة الأجنبية الحية، سواء أكانت شابة أم عجوزًا؛ لما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تمس يده يد امرأة قط، ولأن المس أبلغ من النظر في اللذة، وإثارة الشهوة.

وأما التبسم: فهو مظنة مقابلته بتبسم مثله من المرأة؛ مما يؤدي إلى الميل القلبي نحوها، مع ما يتبعه من المحرمات، كالنظر، والحديث أكثر من قدر الحاجة، فهو خطوة من خطوات الشيطان، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني