الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الغسل الواحد يرفع الحيض والجنابة؟

السؤال

في البداية أود أن أقدم الشكر لهذا الموقع، وللقائمين عليه؛ لأني -والحمد لله- استفدت منه كثيرًا. قصتي بدأت من سنين مع الوسواس القهري، فقد كنت محافظة على الصلاة، دائمة الذكر لله، لكن الوسواس تمكن مني بشدة، وتركت الصلاة وأنا نادمة، وعلى علم أنه ليس سببًا يجعلني أتركها، وخلال هذه الأيام عزمت جادة على الرجوع إلى الله في كل أموري، ولكن كانت عندي مشكلة وهي: خلال فترة شهور لم أقم بالاغتسال، لا من الجنابة، ولا من حيض وغيره، إنما أغتسل غسلًا عاديًا ليس فيه نية، وتراكمت عليّ عدة حيضات من شهور، يتخللها جنابات كثيرة، وعندما عزمت العودة لم أعرف كيف أغتسل، هل أغتسل من الجنابة والحيض بالعدد يعني أكثر من عشرين غسلًا أم أغتسل غسلًا واحدًا عنهم جميعًا، ويرفع عني جميع ما حدث مني؟ لأني قمت بالاغتسال حوالي 30 مرة، ومكثت في الحمام قرابة ثلاث ساعات، وبعدها بأيام شاهدت نقط مناكير، وأعدت الغسل، ومكثت ست ساعات، وقرأت فتوى بضرورة غسل الدبر، وأنا لم أتذكر أبدًا هل غسلته؟ وهل أصابه الماء؟ وعزمت على إعادة الاغتسال من جديد، واغتسلت قرابة أربع ساعات، وعند نهاية الاغتسال جاءني شك أني لم أغسل شعري جيدًا، وتعبت وقمت بالاغتسال غسلًا واحدًا فقط نويت به رفع الحدث عن كل حيض وجنابة لم أغتسل منها، ولكن سؤالي: هل ما فعلته صواب، ويرفع عني ما مضى؟ أم تبقى تلك الحيضات والجنابات في ذمتي إلى أن أغتسل منها؟ علمًا أني أعرف عدد الحيضات، ولا أعرف عدد الجنابات، فإذا جمعتها في غسل واحد على الصفة المجزئة وليست الكاملة فهل تحققت الطهارة؟ لأني أود المواظبة على الصلاة، وقضاء ما فاتني من صيام، ولكني لست متأكدة من صحة غسلي، وبدأ يأتيني شعور بالخوف من خاتمتي إذا مت، وهل سأكون طاهرة من هذه الأحداث، فأنا في قلق وحيرة، وعندما بدأت الصلاة أتتني الوساوس من كل مكان، ولا أستطيع إبعادها؛ لدرجة أني أحاول إسكاتها بالكلام بصوت عال، وإذا قرأت قرآنًا فلا أشعر بالراحة، ولا أعلم السبب، فهل هو الوسواس أم ذنوبي؟ فأنا متعبة جدًّا، فانصحوني ماذا أفعل - جزاكم الله كل خير -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي ننصحك به هو الإعراض عن الوساوس، وعدم الالتفات إليها؛ فإنه لا علاج للوسوسة أمثل من الإعراض عنها، وألا تعيريها اهتمامًا، ثم اعلمي أنه كان يكفيك غسل واحد ترتفع به عنك جميع أحداثك، قال البهوتي في الروض: (وإن اجتمعت أحداث) متنوعة، ولو متفرقة (توجب وضوءًا، أو غسلًا فنوى بطهارته أحدها) لا على أن لا يرتفع غيره (ارتفع سائرها) أي: باقيها؛ لأن الأحداث تتداخل، فإذا ارتفع البعض ارتفع الكل. انتهى.

فإذا علمت هذا فإن غسلًا واحدًا يكفيك لما ذكر، ثم اعلمي أنك لو اغتسلت، ثم شككت بعد الغسل في وصول الماء إلى موضع معين، أو في غسل عضو معين، فلا تلتفتي إلى هذا الشك، فإن الشك بعد الفراغ من العبادة لا يؤثر، وانظري الفتوى رقم: 51601.

وننصحك بالإقبال على الله، ومجاهدة الوساوس، وأن تعلمي أنها من كيد الشيطان ومكره، يريد بها أن يصدك عن العبادة، ويصرفك عن الطاعة، نسأل الله لك الشفاء والعافية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني