الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى أثر: لو أن لوطيا اغتسل بكل قطرة نزلت من السماء للقي الله غير طاهر

السؤال

لَوْ أَنَّ لُوطِيًّا اغْتَسَلَ بِكُلِّ قَطْرَةٍ مِنَ السَّمَاءِ، لَقِيَ اللَّهَ غَيْرَ طَاهِرٍ: فهل المقصود باللوطي هنا من يفعل الفاحشة الكبرى؟ وهل معنى الطهارة هنا اْنه نجس لا تقبل له صلاة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد روى ابن الجوزي في ذم الهوى، والذهبي في الدينار من حديث المشايخ الكبار، عن الفضيل بن عياض قال: لو أن لوطيا اغتسل بكل قطرة من السماء لقي الله غير طاهر.

وروى ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي، والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد قال: لو أن الذي يعمل ذلك العمل ـ يعني عمل قوم لوط ـ اغتسل بكل قطرة في السماء وكل قطرة في الأرض لم يزل نجسا.

وقد روي هذا المعنى مرفوعا، ولا يصح، فروى ابن الجوزي في الموضوعات بإسناد الخطيب، من طريق محمد بن العباس بن سهيل، حدثنا أبو بكر بن زنجويه عن عبد الله بن بكر السهمي، عن حميد، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو اغتسل اللوطي بماء البحار لم يجئ يوم القيامة إلا جنبا ـ قال الخطيب: الرجال المذكورون في إسناد هذا الحديث كلهم ثقاة غير أبي سهيل وهو الذي ضعفه.

ثم روى من طريق روح بن مسافر، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللوطيان لو اغتسلا بماء البحر لم يجزهما إلا أن يتوبا. وقال: هذا موضوع ـ قال ابن حبان: روح بن مسافر كان يروي الموضوعات عن الأثبات، لا تحل الرواية عنه. اهـ.
وقال السخاوي في المقاصد الحسنة: حديث: لو اغتسل اللوطي بماء البحر لم يجئ يوم القيامة إلا جنبا ـ أسنده الديلمي عن أنس به مرفوعا.

وهو عنده أيضا من حديث أبي هريرة رفعه بلفظ: المتلوط لو اغتسل بكل قطرة تنزل من السماء على وجه الأرض إلى أن تقوم الساعة لما طهره الله من نجاسته أو يتوب ـ وكل ما في معناه باطل. اهـ.

وأورد السيوطي في اللالئ المصنوعة بإسناد الخطيب من طريق داود بن عثمان المعافري: حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا: لو تطهر الذي يعمل عمل قوم لوط بسبعة أبحر ما لقي الله إلا نجسا ـ قال الخطيب: هذا حديث منكر، والمعافري مجهول. اهـ.

وأما معنى هذا الكلام: فإنه يفهم من خلال كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال في مجموع الفتاوى: النجاسة تكون من الشرك والنفاق والفواحش والظلم ونحوها، وهي لا تزول إلا بالتوبة عن ترك الفاحشة وغيرها، فمن تاب منها فقد تطهر وإلا فهو متنجس، وإن اغتسل بالماء من الجنابة فذاك الغسل يرفع حدث الجنابة، ولا يرفع عنه نجاسة الفاحشة التي قد تنجس بها قلبه وباطنه، فإن تلك نجاسة لا يرفعها الاغتسال بالماء، وإنما يرفعها الاغتسال بماء التوبة النصوح المستمرة إلى الممات، وهذا معنى ما رواه ابن أبي الدنيا وغيره: حدثنا سويد بن سعيد حدثنا مسلم بن خالد عن إسماعيل بن كثير عن مجاهد قال: لو أن الذي يعمل ـ يعني عمل قوم لوط ـ اغتسل بكل قطرة في السماء وكل قطرة في الأرض لم يزل نجسا ـ ورواه ابن الجوزي، وروى القاسم بن خلف في كتاب ذم اللواط، بإسناده عن الفضيل بن عياض أنه قال: لو أن لوطيا اغتسل بكل قطرة نزلت من السماء للقي الله غير طاهر ـ وقد روى أبو محمد الخلال عن العباس الهاشمي ذلك مرفوعا وحديث إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود: اللوطيان لو اغتسلا بماء البحر لم يجزهما إلا أن يتوبا ـ ورفع مثل هذا الكلام منكر، وإنما هو معروف من كلام السلف. اهـ.

وقد سبق لنا ذكر مراتب اللوطية في الفتوى رقم: 28167.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني