الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الزوج تجاه زوجته العاملة

السؤال

جزاكم الله خيـرا على هذا الموقع، والفتاوى المنيرة للحق والشــرع.
تزوجت منذ 7 سنوات بمعلمة؛ لما رأيت فيها من الخصال، والمنطق السليم. وكنت وقتـذاك أرى أنه من الأفضل أن أتزوج امرأة عاملة؛ لما كنت أراه من المتاعب التي تثيــرها المرأة الماكثة بالبيت على زوجها، نتيجة للفراغ الذي تعيشه الأسـر في مجتمعــنا، ولأسباب عديدة أخرى (وهو ما عشته في أسرتي منذ الطفولة رغم ما عليه الأبوان من التدين، والبساطة ) هذا من جهة.
ومن جهة أخرى كنت لا أستسيغ أن تتخرج الطالبة بمؤهل علمي، ثم لا تجني ثمار ذلك في المجتمع، وتترك الساحة لغيرها من غير الملتزمات بالدين والخلق، وذلك بدعوى الالتزام، في حين أن الحياة صراع بين الحق والباطل، وعلى مختلف الأصعدة. كانت هذه قناعتي لاقتراني بامرأة عاملة، ولذلك طمأنتها أني لن أطلب منها في يوم من الأيام أن تترك العمل، بل وأكدت لها أن عملها ليس من أجل أن أستعين بمالها، وجزمت لها، ملتزما مع نفسي أنني لن آخذ من مالها شيئا، والأمر كذلك واقع رغم ما أجده من الضيق المادي أحيانا، ورغبتها هي في مساعدتي أيضا.
إلا أنه مع الأيام تبين لي صعوبة الحياة، وخاصة في تربية الأولاد حيث نتركهم عند المربيات (لا يبلغن طموحي في التربية، فأحس بإهمال ولدي، والتقصير في حقه ) وكذلك المعاناة النفسية نتيجة النظرة الحاسدة لنا، بالإضافة إلى أنني صرت أتضايق من وجود زوجتي في مؤسسة مختلطة (وهذا هو النظام السائد في البلد في جميع مؤسسات الدولة بدون استثناء) خاصة مع تكرار زيارة أولياء التلاميذ على اختلاف أخلاقهم، ومقابلتهم للمعلمة (وهي لا تلبس نقابا) وارتفاع صوتها أثناء التدريس، حيث يمكن لمن هو خارج المؤسسة أن يسمع ذلك كما صرت أعاني من الغيظ نيجة الغيرة، وهي تغادر البيت إلى العمل؛ لأن الناس أصبحوا لا يتورعون عن النظر إلى النساء سواء السافرات منهن، أو المتحجبات.
هل قبولي بهذا الوضع فيه إثم؟ هل تركي لها تخرج للعمل في هذه الظروف هو من صفة الديوث؛ لأنه تناهى إلى سمعي وصفي بذلك، وودت حينذاك أني كنت نسيا منسيا؟ (مع اعتباري أن العمل مشروع للمرأة) أنا في صراع مع نفسي؛ لأن الأمر لا يتعلق بي وحدي، فهي تحب أن تعمل، وهي ملتزمة مع نفسها عموما.
وهل يجوز لي أن أخلف الوعد الذي قطعته لها قبل الزواج بشأن العمل؛ لأني أعرف أن أوجب العهود وفاء هو ما تستحل به الفروج، وقد اطلعت على فتوى بذلك. ثم إني أخشى أن نصل إلى الانفصال في حالة إلحاحي، ويكون الخاسر هو ابني الوحيد، وأتسبب في شتاتهما.
ما هي الضوابط التي يجب أن تراعيها زوجتي وهي ذاهبة إلى عملها أو هي تؤديه؟ هل يجب عليها أن تتنقب حتى أمام زملائها في المؤسسة علما أن هناك سيدات معها؟
أرجو التفصيل، وأطلب منكم توجيهي، علما أنني ملتزم والحمد لله، وأنا أيضا أعمل في قطاع التعليم لكن في مؤسسة أخرى، ورغم مسؤوليتي كمدير لكنني أتورع عن النظر إلى السيدات العاملات معي، أو غيرهن إلا للمصلحة. وأطرح دوما السؤال على نفسي: هل أحفظ أعراض الناس وزوجتي ينظر الناس إليها؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا: هل همومي في محلها أم إنها الغيرة، وحديث النفس؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجب الوفاء بشروط الزواج التي تم الاتفاق عليها قبل العقد، كما هو مبين في الفتوى رقم: 1357.

وإذا تضمن العمل ما يخالف الشرع من اختلاط ونحوه، جاز للزوج منع زوجته منه، فمن الواجب على الزوج صيانة زوجته عما يمكن أن يؤدي إلى فسادها؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان: ويجب على الإنسان أن يأمر أهله بالمعروف كزوجته، وأولاده ونحوهم، وينهاهم عن المنكر؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} الآية [66/6]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته"، الحديث. اهـ.

وإن لم يكن هنالك اختلاط محرم، فمجرد مقابلة زوجتك لأولياء الأمور إن التزمت فيه بضوابط الشرع، من عدم الخلوة ونحو ذلك، لا حرج عليها فيه، ولا يعتبر هذا بمجرده اختلاطا؛ وراجع في ضابط الاختلاط المحرم الفتوى رقم: 116673.

وصوت المرأة ليس بعورة، فرفعها صوتها أثناء تدريس الأبناء، لا شيء فيه، إن لم يتضمن خضوعا، ولينا في القول؛ وانظر الفتوى رقم: 9792.

وينبغي أن تنصحها بخفض صوتها قدر الإمكان. وكون الرجال ينظرون إلى المرأة عند خروجها من البيت، ليس بمانع شرعا من خروجها إذا احتاجت إلى ذلك. فإذا أذنت لها بالعمل والحالة هذه، فلا إثم عليك.

وهذا فيما يتعلق بالاختلاط ونحوه، وبقي أن ننظر في ما ذكرت من إهمال الأولاد، فإن كان غيابها من البيت يؤدي إلى إهمال الأولاد، وتضررهم بذلك، فمن حقك منعها من الخروج إلى العمل. ولكن إن كانت المربيات صالحات، يحسن تربية الأولاد، ولكنك تطمح إلى ما هو أفضل، فليس ذلك مسوغا لمنعها من العمل.

وضوابط خروج المرأة للعمل سبق لنا بيانها في عدة فتاوى نحيلك منها على الرقم: 44756.

وأما بالنسبة للنقاب، فيجب على الزوجة تغطية وجهها أمام الأجانب على الراجح من أقوال الفقهاء، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 4470 وإذا لبست النقاب حفظت نفسها من نظر الرجال في طريقها، وفي مدرستها .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني