الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من حق الزوج أن يأمر زوجته بالكذب، ولا تجوز لها طاعته فيه

السؤال

أهل زوجي كثيرًا ما يكذبون؛ وذلك لتفادي الحسد والعين، وفي بعض الأحيان لأسباب أخرى، والمشكلة أنهم يشركونني في هذا الكذب، فمثلًا أم زوجي مسافرة للعلاج، وستعود في هذا اليوم، ولا تريد أحدًا من أهلها أو أخواتها أن يعلموا، رغم أنهم يحبونها كثيرًا، ويخافون عليها، وقلقون عليها، ويتصلون بها دائمًا؛ بحجة أنها تريد الراحة عدة أيام قبل استقبالهم، ويجب عليّ أن أقول إذا سألني الأهل: " لا أعلم" أو" لم يخبروني"، وأنا لا أحب الكذب، وهذا ليس من طبعي، ولا من مبادئي، لكني أكذب لأن زوجي يطلب مني هذا الشيء؛ لكي ترتاح أمه يومين، وعندما تصل تتصل بأخواتها وأهلها، وتخبرهم، وهذا ما يغضبني؛ لأنها لم ترتح يومين كما أخبرتنا، فتضعنا في موقف محرج، ولا تدع لكذبنا معنى، فهل يجب عليّ أن أطيعهم، وأطيع زوجي وأسايرهم في الذي يقومون به؟ أم يجب علي أن أقول لهم: أنا لا أريد الكذب، ولن أكذب؟ وهذا بالتأكيد لن يعجبهم، ولن يعجب زوجي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالكذب محرم، وكبيرة من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط علام الغيوب، وردت في التحذير منه، وبيان قبحه كثير من نصوص الشرع، وقد ذكرنا جملة منها في الفتوى رقم: 26391، فلا يجوز للمسلم التهاون في الكذب، والوقوع فيه لأدنى سبب.

ويحرم المصير إلى الكذب الصريح، مع إمكانية تحقيق الغرض المقصود عن طريق المعاريض والتورية، والتي فيها حيلة ومخرج من الوقوع في الكذب، والتورية هي أن يتكلم المتكلم بكلام له معنى ظاهر متبادر للسامع، وله معنى آخر خفي، ومقصود المتكلم هو هذا المعنى الخفي، إلا أنه ورَّاه وأخفاه بذلك المعنى الظاهر المتبادر.

ونحسب أن استخدام المعاريض كاف هنا.

وليس من حق زوجك أن يأمرك بالكذب، ولا تجوز لك طاعته فيه، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف، وليس من المعروف أن يأمر الزوج زوجته بما فيه معصية، أو ضرر عليها.

هذا بالإضافة إلى أن من أهل العلم من لم يوجب على الزوجة طاعة زوجها بإطلاق، بل قيد ذلك بأمور النكاح وتوابعه، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 115078.

وإذا كانت طاعة زوجك لا تجب عليك في مثل هذه الأحوال، فأولى أن لا تجب عليك طاعة أهله، ونرجو أن تتحري الحكمة في الاعتذار بلطف حال طلب منك بالكذب.

وننصح في الختام بالتفاهم بين الزوجين في مثل هذه الأمور بلين ورفق، بعيدًا عن التشنج والعصبية، وكل ما يمكن أن يؤدي إلى الشقاق والنزاع - وفق الله الجميع لما يحب ويرضى -.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني