الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم وضع الميت فوق الأرض دون دفن، وحكم دفن الرجال والنساء معًا

السؤال

غالبية القبور عندنا في مصر مرفوعة عن الأرض، وغير شرعية، حيث يوضع الميت على وجه الأرض دون أن يغطيه التراب؛ وذلك بسبب زيادة المياه في الأرض، وبسبب التعود على ذلك – للأسف - عند بناء القبور، وأسرتنا تمتلك مقبرة غير شرعية وحيدة، ولا يمكن شراء أخرى؛ نظرًا لارتفاع الأسعار، ونحن في حيرة الآن، هل نبني فوق هذه المقبرة مقبرة أخرى تكون خاصة بالنساء، والسفلى تكون خاصة بالرجال؟ أم يتم دفن الرجال والنساء معًا في المقبرة الموجودة، على اعتبار أنها أقرب إلى الأرض ـ أي: أقرب إلى الدفن الشرعي ـ مع أنها ليست شرعية - جزاكم الله خيرًا -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن مجرد وضع الميت على الأرض من غير حفر، لا يكفي؛ لأنه ليس بدفن، وقد نص الفقهاء على ضرورة الحفر، وعدم كفاية وضع الميت بوجه الأرض، فقد جاء في منهاج الطالبين للنووي مع شرحه للجلال المحلي: أقل القبر حفرة تمنع إذا رُدمت الرائحة أن تظهر منه فتؤذي الحي، والسبع أن ينبش ليأكل الميت، فتنتهك حرمته, وفي ذكر الرائحة والسبع، وإن لزم من منع أحدهما منع الآخر بيان فائدة الدفن، ويندب أن يوسع، ويعمق قامة، وبسطة، بأن يقوم رجل معتدل ويبسط يديه مرفوعة, قال صلى الله عليه وسلم في قتلى أحد: احفروا، وأوسعوا، وأعمقوا ـ رواه الترمذي، وغيره, وقال: حسن صحيح. وأوصى عمر ـ رضي الله عنه ـ أن يعمق قبره قامة وبسطة. انتهى.

وقال الشيخ زكريا الأنصاري: الفساقي التي لا تكتم الرائحة مع منعها الوحش، لا يكفي الدفن فيها، وقد قال السبكي في الاكتفاء بالفساقي نظر؛ لأنها ليست معدة لكتم الرائحة، ولأنها ليست على هيئة الدفن المعهود شرعًا. اهـ. وتراجع الفتوى رقم: 141116.

وأما إعداد غرف تحت أو فوق الأرض، ووضع الأموات فيها من غير حفر ودفن لهم: فلا يكفي، قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج عنها: فإنها بيوت تحت الأرض، وقد قطع ابن الصلاح، والسبكي، وغيرهما بحرمة الدفن فيها، مع ما فيها من اختلاط الرجال بالنساء، وإدخال ميت على ميت قبل بلاء الأول، ومنعها للسبع واضح، وعدمه للرائحة مشاهد. اهـ.

والعلاج لهذا أن تدفنوا بأرضكم من مات، فإذا امتلأت فانظروا في الموتى القديمين إن غلب على الظن أنهم اندرسوا، فادفنوا في مكانهم من مات أخيرًا، قال صاحب فتح الجليل شرح مختصر خليل: ولا ينبش ما دام به... أي: في القبر، فإن تحقق أو ظن أنه لم يبق شيء محسوس من الميت فيجوز نبشه للدفن فيه فقط، لا زراعته، ولا بناء دار. انتهى.

وقال صاحب الشرح الصغير: إذا علم أن الأرض أكلته، ولم يبق منه شيء من عظام، فإنه ينبش، لكن للدفن أو اتخاذ محلها مسجدًا، لا للزرع والبناء.

ولمزيد فائدة راجع الفتاوى التالة أرقامها: 20280، 16343، 62254، 146321، 147021، 175361.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني