الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من تزوجت دون علم أبيها وكان الولي عمها

السؤال

رجل تزوج بامرأة، وحدثت مشاكل بعد فترة طويلة من زواجهما، وكانت لديه طفلتان، ثم طلق هذه الزوجة، وأخذت بنتيها، وظل ينفق عليهما حتى كبرتا، والأولى تزوجت في غياب أبيها، فقد كان في الحج، ولم يكن يعلم بالأمر إلا أنها أخبرته يوم زواجها، وكان الوكيل عمها، والأخرى تزوجت، ولكن أباها لم يكن يعرف، ولا يعرف شيئًا عن المتقدم للزواج من ابنته، وكان عمها هو الوكيل لهما، فهل هذا الزواج صحيح أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان الأب قد وكل العمَّ في تزويج ابنتيه، فالزواج صحيح إن تمت سائر شروطه الأخرى؛ لصحة التوكيل في الإنكاح، ولا يشترط علم الأب بذلك، ولا عدم سفره لقيام الوكيل مقامه.

جاء في المغني على الخرقي ممزوجين: مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَوَكِيلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا). وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي النِّكَاحِ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا، مُجْبرًا أَوْ غَيْرَ مُجْبرٍ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَكَّلَ أَبَا رَافِعٍ فِي تَزْوِيجِهِ مَيْمُونَةَ، وَوَكَّلَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ فِي تَزْوِيجِهِ أُمَّ حَبِيبَةَ»، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَجَازَ التَّوْكِيلُ فِيهِ كَالْبَيْعِ. اهـ.

ولا يشترط في التوكيل أن يكون مقيدًا بخاطب بعينه.

قال الحجاوي في الإقناع : وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ مُطْلَقًا. اهـ.

وينظر للمزيد في مشروعية التوكيل في الإنكاح الفتويان: 77997، 126073، وينظر في شروط الولي في ولاية النكاح الفتويان: 15009، 49748.

وما يشترط في الولي من الشروط يشترط مثله في الوكيل.

قال البهوتي في الكشاف على الإقناع ممزوجين: وَيُشْتَرَطُ فِي وَكِيلِ وَلِيٍّ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَلِيِّ مِنْ الْعَدَالَةِ، وَغَيْرِهَا) كَالرُّشْدِ، وَالذُّكُورَةِ، وَالْبُلُوغِ، وَالْعَقْلِ، وَاتِّحَادِ الدِّينِ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُبَاشِرَهَا غَيْرُ أَهْلِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْلِكْ تَزْوِيجَ مُنَاسَبَتِهِ فَلَأَنْ لَا يَمْلِكَ تَزْوِيجَ مُوَلِّيَةِ غَيْرِهِ بِالتَّوْكِيلِ أَوْلَى. اهـ.

وإذا لم يكن الأب قد وكل العم في إنكاح ابنتيه، فإن زواجهما فاسد عند الجمهور.

قال المرداوي - رحمه الله -: وإذا زوج الأبعد من غير عذر للأقرب، أو زوج أجنبي: لم يصح، هذا المذهب بلا ريب، وجزم به في الوجيز، وغيره، وصححه في النظم وغيره، وقدمه في المغني، والشرح، وغيرهما، وعنه: يصح، ويقف على إجازة الولي، ولا نظر للحاكم على الصحيح من المذهب، وقيل: إن كان الزوج كفؤًا أمر الحاكم الولي بالإجازة، فإن أجازه، وإلا صار عاضلً، فيجيزه الحاكم. اهـ.

وراجع الفتوى رقم: 149427 بعنوان: هل يشرع للعم أن يزوج ابنة أخيه دون رضا أبيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني