الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من كان كثير الشك في الصلاة، ومتى يسجد للسهو؟

السؤال

دائمًا أسهو في السجود، فإذا أطلت السجود وأثناء السجدة أتساءل أي سجدة هذه: الأولى أم الثانية؟ وربما تكون الثانية، فهل يجب عليّ أن آتي بسجدة، ثم بعد ذلك أسجد للسهو قبل السلام؟ وعندما أقف قبل أن أقرأ أتذكر هل سجدت سجدة أم سجدتين؟ فماذا أفعل حينها؟ وقبل الصلاة أحاول أن لا أحدث نفسي، ولكني منذ أن أبدأ في الصلاة يبدأ حديث النفس رغمًا عني، ودائمًا أثناء الصلاة أقف عند الركوع، أو السجود، أو بين السجدتين، أو عند القيام، ولا أعرف أين أنا، وفي أي ركعة، أو في أي سجدة، وأقف لدقائق عديدة، وأحاول أتذكر وأحاول، ولكن لا أتذكر أي شيء مما يجعلني أقطع الصلاة، فهل فعلي صحيح؟ وإذا أتاني هذا النسيان فماذا أفعل؛ لأني لا أتذكر شيئًا أبدًا؟ أرجو التوضيح متى يكون سجودي قبل السلام ومتى يكون بعده في هذه الحالات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الشك يأتيك يوميًا، ولو تنوعت مواطنه، فإنه يكون شكًا مستنكحًا كما سبق في الفتوى رقم: 124075، وحينئذ يجوز لك البناء على الأكثر، وعلى ذلك فإن شككت في كونك في السجدة الأولى أو الثانية، فلك أن تعتبريها الثانية، وكذلك إن شككت هل سجدت سجدة أم سجدتين فلك أن تعتبري أنك سجدت سجدتين، وهكذا، وانظري للفائدة الفتوى رقم: 156847، ولا يجب عليك حينئذ سجود للسهو على الراجح، وراجعي للمزيد الفائدة الفتويين التاليتين: 226681، 70403 وما أحيل عليه فيها.

أما بخصوص الشك غير المستنكح، أي: غير الملازم، فإن شككت ولم يترجح عندك شيء، فعليك أن تطرحي الشك، وتبني على اليقين، وهو أنك سجدت سجدة واحدة، فعلى ذلك تجلسين، ثم تسجدين السجدة الثانية، ثم تسجدين قبل السلام على الراجح من أقوال أهل العلم.

أما إن ترجح عندك أنها السجدة الثانية، فلك أن تعتبريها كذلك، وتسجدي للسهو بعد السلام على الراجح، ولمزيد الفائدة عن خلاف العلماء في موضع سجود السهو راجعي الفتوى رقم: 17887.

أما قطعك للصلاة بسبب كثرة الشكوك فليس بصواب، وإنما الصواب أن تتبعي الأحكام الشرعية للسهو، وقد سئل فضيلة الشيخ فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: إذا شك الإنسان في صلاته فلم يدر كم صلي أربعًا صلى أو ثلاثًا، فهل يقطع الصلاة ويصلي من جديد؟

فأجاب فضيلته بقوله: إذا شك الإنسان في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثًا أو أربعًا، فإنه لا يحل له أن يخرج من صلاته بهذا الشك إذا كانت فرضًا؛ لأن قطع الفرض لا يجوز، وعليه أن يفعل ما جاءت به السنة ، والسنة جاءت بأن الإنسان إذا شك في صلاته فلم يدرِ كم صلى أثلاثاً أم أربعاً، فلا يخلو من حالين: أحداهما أن يشك شكاً متساوياً ؛ بمعنى أنه لا يترجح عنده الثلاث ولا الأربع، وفي هذه الحال يبني على الأقل، يبني على أنها ثلاث ويأتي بالرابعة، ويسجد للسهو قبل أن يسلم.

أما الحال الثانية فهو أن يشك شكاً بين طرفين، بمعنى أن يشك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، ولكنه يترجح عنده أنه صلى أربعاً، ففي هذه الحال يبني على الأربع، ويسلم ويسجد للسهو بعد السلام، هكذا جاءت السنة بالتفريق بين الحالين في الشك، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبني على ما استيقن في الحال الأولى، وأن يتحرَّ الصواب في الحال الثانية، ويدل على أنه لا يخرج من الصلاة بهذا الشك، فإن كانت فرضاً فالخروج منها حرام؛ لأن قطع الفريضة محرم، وإن كانت نفلاً فلا يخرج منها من أجل هذا الشك، ولكن يفعل ما أمره به صلى الله عليه وسلم، وإن شاء أن يقطعها فإن قطع النافلة لا بأس به، إلا أن العلماء قالوا: إنه يكره قطع النافلة بدون غرض صحيح. وانظري الفتوى رقم: 32896 وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني