الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسباب البلاء، وهل الانتحار الحل للهروب من تعيير الناس؟

السؤال

كنت من الذين يمارسون الاستمناء، ثم بعد ذلك أصبت في الخصيتين بضمور كامل، وفقدت وظيفتي الجنسية تمامًا، ولا أستطيع ممارسة الجنس إن تزوجت؛ وذلك نتيجة لقفزة قفزتها من مكان مرتفع، وعرف الناس حكايتي، وأصبحوا يقولون لي: إنك لست رجلًا، كما أن النساء حينما يرونني يعايرنني، ولا أستطيع أن أقوم بأخذ حقي من أي أحد حتى أقاربي، وأصبحت عالة عليهم؛ لأن كل شخص رجلًا أو امرأة حتى الأطفال يقولون لي: إنني لست رجلًا، وأصبحت أفكر في الانتحار، فهل الانتحار هو الحل؟ وهل ما حدث لي عقاب من الله، أم ابتلاء، أم بلاء، أم ماذا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يغفر لك ذنبك، وأن يلهمك رشدك، وأن يقيك شر نفسك، ونسأله سبحانه أن يفرج همك، وأن ينفث كربك، وأن يعافيك في دينك ودنياك.

ثم اعلم أن الله تعالى إنما خلقنا للامتحان والاختبار؛ ليتمايز الناس، ويظهر الطيب من الخبيث، والصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق، كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (هود: 7) وقال سبحانه: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (الملك: 2) وقال عز وجل: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [آل عمران: 179] .

وقد سبق لنا بيان أن الدنيا دار ابتلاء، وبيان بعض ثمرات الابتلاءات والمصائب وفوائدها، وبعض البشارات لأهل البلاء، وبيان الأمور المعينة على تجاوز المصائب، وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 51946، 18103، 5249، 39151.

والابتلاء تارة يكون لتكفير الخطايا، ومحو السيئات، وتارة يكون لرفع الدرجات، وزيادة الحسنات، وتارة يقع لتمحيص المؤمنين، وتمييزهم عن المنافقين، وتارة يعاقب المؤمن بالبلاء على بعض ذنوبه، كما سبق بيانه في الفتويين: 27048، 44779.

وأما الانتحار، فمع كونه ليس علاجًا لأي مشكلة في الدنيا، فإنه مع ذلك سبب للهلاك في الآخرة، حيث يستحق صاحبه أليم العقاب، وشديد العذاب، وقد سبق لنا بيان فظاعة إثم الانتحار، وشدة جرمه، ومرير أثره، وأنه لا يمكن أن يكون حلًا لمشكلة، أو نجاة من معضلة، أو سببًا لراحة، بل هو نفسه أعظم الكرب وأكبرها، فإنه ينقل المرء مما يظنه همًّا وشدة وغمًّا وكربة، إلى عين ذلك وحقيقته، حيث يظل يُعذب في قبره بوسيلة انتحاره إلى يوم القيامة، وبعد ذلك تنتظره نار جهنم - والعياذ بالله -، فراجع للأهمية الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10397، 22853، 14220، وراجع في سبل الوقاية من الانتحار الفتويين: 33789، 113520.

ولعل من أسباب السلامة أن تنتقل إلى حي آخر، أو مدينة أخرى تجنبًا لسخرية الناس وأذاهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني