الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما حكم قول: "يا صاحب اللطف الخفي بك أستجير، وأستعين، وأكتفي"؟ وهل يصح أن نصف الله بصاحب اللطف الخفي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الدعاء صحيح المعنى، ولكن لا نعلمه مأثورًا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقد بينا في الفتوى رقم: 132875، حكم الدعاء بما ليس بمأثور فراجعها.

وليس في عبارة اللطف الخفي محظور، وقد استعملها العلماء، فقد جمع الشيخ عبد العزيز السلمان في الزهديات:

وَكَمْ للهِ مِنْ لُطْفٍ خَفِيٍّ يَدِقُّ خَفَاهُ عَنْ فَهْمِ الذَّكِيّ
وَكَمْ يُسْرٍ أَتَى مِنْ بَعْدِ عُسْرٍ * وَفَرَّجَ لَوْعَةَ القَلْبِ الشِّجِيِّ
وَكَمْ هَمٍّ تُسَاءُ بِهِ صَبَاحًا * فَتَعْقُبُهُ المَسَرَّةُ بِالعَشِيِّ
إِذَا ضَاقَتْ بِكَ الأسْبَابُ يَوْمًا * فَثِقْ بِالوَاحِدِ الأَحَدِ العَلِيِّ.

وقد عزاها صاحب مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي لعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وكذلك بعض من جمع ديوانه، ولا مانع من الإخبار عن لطف الله بالخفاء، فإن باب الإخبار عن الله أوسع من باب إثبات الأسماء والصفات، فلا يشترط في الإخبار أن يكون بألفاظ توقيفية، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 128900، وتوابعها.

والمعنى صحيح، فالله تعالى يلطف بعباده لطفًا قد يخفى عليهم، ثم قد يتبين لهم أثره بعد ذلك، قال السعدي: إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ـ اللطيف الذي يدرك بواطن الأشياء، وخفياتها، وسرائرها، الذي يسوق إلى عبده الخير، ويدفع عنه الشر بطرق لطيفة تخفى على العباد، ومن لطفه أنه يري عبده عزته في انتقامه، وكمال اقتداره، ثم يظهر لطفه بعد أن أشرف العبد على الهلاك، ومن لطفه، أنه يعلم مواقع القطر من الأرض، وبذور الأرض في باطنها، فيسوق ذلك الماء إلى ذلك البذر الذي خفي على علم الخلائق فينبت منه أنواع النبات: خَبِيرٌ ـ بسرائر الأمور، وخبايا الصدور، وخفايا الأمور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني