الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل متنوعة في البيع والشراء

السؤال

أعمل مهندس مبيعات في شركة لها توكيلات حصرية لمصانع أجنبية مثل: تركيا وإيطاليا، فتقوم الشركة باستيراد البضاعة وبيعها في السوق المصري، وأنا قمت بزيارة بعض هذه المصانع في تركيا في رحلة تدريبية لتزويد خبراتي في منتجاتهم لبيعها في السوق المصري.
السؤال هنا: أي طريقة من هذه الطرق التي تواجهنا محرمة؟
1- الشركة تتعامل مع هذه المصانع بعقد وكالة تجارية، ولكن لا يعطينا المصنع البضاعة بدون دفع ثمنها؛ لأنه يشترط أن نشتريها منه أولا ثم نبيعها للزبون، فتقوم الشركة باستيراد ما يحتاجة السوق وتضعه في مخازنها، ولكن أحيانا قد يطلب بعض الزبائن بعض المنتجات الخاصة التي لا تستوردها الشركة عامة، فنخبر الوكيل بذلك، ونأخذ من الزبون 50% من الثمن، ونشتري البضاعة من الوكيل، ثم عند الاستلام يدفع الزبون باقي المبلغ. فهل هذه المعاملة تدخل في النهي عن بيع ما ليس عندك أم لا؟ لأننا وكيل حصري لهذا المصنع في بيع منتجاته وما هو في مخزنه يعتبر في مخزننا؟
2- قد يطلب منا أحد الزبائن بضاعة غير موجودة في مخازننا، ولكنها موجودة في السوق، وبحكم علاقتنا مع الشركات الأخرى يطلب منا أن نشتريها ثم نبيعها له، فنبحث في السوق ونجدها مثلا بـ 100 جنيه، فنقول له سنبيعها لك بـ 120 جنيها دون إخباره بسعرها الأصلي وهو 100 جنيه، فإن وافق اشتريناها وبعناها له بالمبلغ المتفق عليه دون إلزام منا بالشراء أو أخذ مقدم من ثمن السلعة، وماذا يحدث لو أخذنا مقدما 60 جنيها مثلا، وعند إحضار البضاعة وتسليمه إياها نأخذ الـ 60 المتبقية، وقد يقول لنا البائع اعتبروا هذه البضاعة بضاعتكم، ولكن قوموا بشرائها مني أولا ثم قوموا ببيعها؟
3-قد يطلب منا بعض الزبائن أن نقوم بتوريد وتركيب وتشغيل بعض الأنظمة الصناعية الهندسية، ولكن الخامات لا تكون عندنا، ولكن عندنا الفكر والمهارة والأيدي العاملة لتنفيذ هذا المشروع، فهل يحق لنا التعاقد مع هذا الزبون وأخذ مقدم، ثم نقوم بشراء الخامات، ثم نقوم بالمشروع وعند الانتهاء نأخذ الباقي؟
جزاكم الله خيرا، وعذرا على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه الصور كلها لا حرج فيها إذا اجتنب فيها الغش والخداع وإيهام المشتري أو الآمر بالشراء أو المستصنع بغير الحقيقة.

وبيان ذلك أنه في الصورة الأولى لا تملكون السلع ولو كانت في مخازن الشركات التي تمثلونها. وعليه، فليس لكم التعاقد على سلع موجودة في مخازن الشركة على أنكم تملكونها، والمخرج هو أن تتفقوا مع طالب السلعة بأنكم ستوفرون له طلبه مقابل عمولة تتفقون عليها، أو يعطيكم وعدا على أنه سيشتري منكم السلع التي طلبها بعد أن تحضروها، ولكم حينئذ أخذ ما يسمى بضمان الجدية، فيعطيكم مبلغا ليس جزءا من الثمن، وإنما هو ضمان لجديته، فإن أحضرتم السلع ونكل في وعده ولحقكم ضرر بسبب نكوله فلكم أخذ مقدار الضرر فحسب من هامش الجدية ورد الباقي إليه. وهناك مخرج ثالث وهو التعاقد معه وفق بيع السلم، وهو أن يكون العقد على سلع موصوفة في الذمة بما يضبطها تسلم في أجل معلوم مقابل ثمن معلوم، يدفع إليكم بمجلس العقد كاملا لا جزءا منه، كما بينا في الفتوى رقم: 27508، وإن كانت السلع مما لم يصنع بعد ويُطلب تصنيعه، فهذا عقد استصناع، ويجوز لكم حينئذ أخذ الثمن كاملا أو بعضه، ثم تطلبون من المنتِج استصناع السلعة، وانظر في ضوابط عقد الاستصناع الفتوى رقم: 115760.

وهكذا في الصورة الثانية وإن كان الأمر فيها أوضح لكون الزبون يطلب منكم شراءها ثم بيعها له، ولا يلزمكم إخباره بثمنها ما لم يكن العقد بينكم وبينه مرابحة. وما يعطيكم قبل المعاملة وهو يعلم أنكم لا تملكون السلعة ولم تجروا معه عقد بيع عليها إنما هو ضمان لجديته، فإن تم العقد اعتبر من الثمن وإلا رد إليه وفق ما بيناه سابقا .

وأما مسألة قول البائع ( اعتبروا هذه البضاعة بضاعتكم ولكن قوموا بشرائها مني أولا ثم قوموا ببيعها) فهذا لا حرج فيه، فإما أن تشتروا منه السلعة وتملكونها ثم تبيعونها لمن شئتم، أو يوكلكم مالكها في بيعها للراغب فيها مقابل عمولة تأخذونها إن شئتم، كأن يقول لكم: ثمنها كذا وما زاد فهو لكم ، فإن لم تبيعوها فتردوها لمالكها.

وأما الصورة الثالثة فهي أقرب إلى ما يسمى بعقد الاستصناع ولا حرج فيها إذا روعيت الضوابط الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 237910.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني