الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شرح حديث انكشاف شيء من عورة النبي عند نقل الحجارة للكعبة

السؤال

أريد ردا على شبهة حديث جابر رضي الله عنهما الذي في البخاري الذي يقول: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان عاريا لما كان ينقل الحجر مع العباس.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي الصحيحين عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له العباس عمه: يا ابن أخي؛ لو حللت إزارك فجعلت على منكبيك دون الحجارة. قال: فحله فجعله على منكبيه، فسقط مغشيا عليه، فما رئي بعد ذلك عريانا صلى الله عليه وسلم.
وعلى ذلك، فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن عاريا عند نقل الحجارة ابتداء، وإنما لما حل الإزار تكشف فسقط مغشيا عليه. وقد ذكر القسطلاني أن سقوطه إلى الأرض عند سقوط الإزار خشية من عدم الستر في تلك اللحظة (إرشاد الساري)
ومن أهل العلم من قال بأن الذي تكشف إنما هو جزء من جسده دون عورته.
قال ابن الجوزي: والظاهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جزع لانكشاف جسده، وليس في الحديث دليل على أنه انكشف شيء من عورته. (كشف المشكل من حديث الصحيحين).
وعلى اعتبار ظاهر الحديث وانكشاف العورة، فلا غضاضة على النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك؛ لأن هذه الحادثة إنما وقعت قبل البعثة. وقد اختلف العلماء " هل كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متعبدا قبل البعثة بشرع أم لا ، أم يتوقف في ذلك؟
قال ابن القشيري في "المرشد" بعد حكاية الاختلاف في ذلك: "وكل هذه أقوال متعارضة وليس فيها دلالة قاطعة، والعقل يجوز ذلك لكن أين السمع فيه" انتهى.
وعلاوة على ذلك فالظاهر أن عرف قومه كان يسيغ فعل ذلك للحاجة؛ إذ يبعد أن يشير عليه عمه بما يشينه أمام قومه.
وعلى كل حال فهذه الحادثة إنما تدل على أن الله تعالى قد صان نبيه عليه الصلاة والسلام عن القبائح قبل البعثة وبعدها.
قال ابن حجر :" وَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَصُونًا عَمَّا يُسْتَقْبَح قَبْل الْبَعْثَة وَبَعْدهَا"
قال النووي: " وَفِي هَذَا الْحَدِيث بَيَان بَعْض مَا أَكْرَم اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى بِهِ رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَصُونًا مَحْمِيًّا فِي صِغَره عَنْ الْقَبَائِح وَأَخْلَاق الْجَاهِلِيَّة, وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان عِصْمَة الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِمْ فِي كِتَاب الْإِيمَان، وَجَاءَ فِي رِوَايَة فِي غَيْر الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ الْمَلَك نَزَلَ فَشَدَّ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِزَاره"
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني