الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مناداة الميت الصالح.. بين الشرك والبدعة والجواز

السؤال

أريد الاستفسار حول قول المسلم: يا علي. وذلك ليس بغرض الشرك والعياذ بالله، وليس باتباع الروافض، وإنما حبا لخليفة الحبيب.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمناداة أحد من الموتى ـ ولو كان من الأنبياء أو الصديقين أو الأولياء ـ إذا كانت على سبيل الاستغاثة وطلب النفع ودفع الضر، فهي شرك، والعياذ بالله. وأما إذا كانت على سبيل التوسل فهي بدعة. وأما إذا كانت على سبيل الندبة ـ وهي مناداة الميت بذكر محاسنه، وما حصل بفقده ـ فهي جائزة إذا كانت بصدق وحق. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 14616.

وهذا الأخير نداء مجازي لا حقيقي، قال الشيخ الميداني في (البلاغة العربية): قد يخرج النداء عن المعنى الأصليّ الموضوع له، فيُسْتَعْمَلُ لدى البلغاء وغيرهم في أغراضٍ أخْرى غير النداء، وهذه الأغراضُ تُفْهَمُ من قرائن الحال أو قرائن المقال ... كأن يستعمل النداء في الزّجْر واللّوم، أو التحسّر والتأسّف والتّفجع والندم أو النُّدْبة، أو الإِغراء، أو الاستغاثة، أو اليأس وانقطاع الرجاء، أو التمني، أو التذكر وبث الأحزان، أو التضجر، أو الاختصاص، أو التعجب، إلى غير ذلك. اهـ.

وقال الشيخ السَهْسَوَاني في (صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان): المانعون لنداء الميت والجماد وكذا الغائب إنما يمنعونه بشرطين: ـ الأول: أن يكون النداء حقيقياً لا مجازياً. ـ والثاني: أن يقصد ويطلب به من المنادَى ما لا يقدر عليه إلا الله من جلب النفع وكشف الضر. مثلاً يقال: يا سيدي فلان اشف مريضي وارزقني ولداً. ولا مرية أن هذا النداء هو الدعاء، والدعاء هو العبادة، فكيف يشك مسلم في كونه كفراً وإشراكاً وعبادة لغير الله؟ وأما إذا قصد بهذا النداء أن يدعو الميت والجماد والغائب في حضرة الرب تعالى للمنادِين (بالكسر) فنداء الميت بعيداً عن القبر وكذا نداء الغائب يقتضي اعتقاد علم الغيب بذلك الميت والغائب، واعتقاد علم الغيب لغير الله تعالى شرك وكفر، مع أنه من محدثات الأمور، وأما نداء الجماد والأموات بهذا القصد فإن لم يكن كفراً وشركاً فلا أقل من أن يكون بدعة وحمقاً، وأما إذا لم يقصد بالنداء لا جلب النفع وكشف الضر ولا الدعاء من المنادَيْن (بالفتح) للمنادِين (بالكسر) في حضرة الرب سبحانه وتعالى فيكون النداء الحقيقي جنوناً وسفهاً، وأما النداء المجازي فلا يمنعه أحد. اهـ. وراجع للفائدة الفتويين: 63961، 25984.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني