الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من العدل أن يسترجع الخاطب الشبكة التي قدمها لمخطوبته إن فسخ الخطبة؟

السؤال

هل الدين الإسلامي، أو العرف يقولان بأن الخاطب من حقه أن يأخذ شبكته كاملة حتى لو كان فسخ الخطبة من ناحيته، فإني أعجب لذلك، مع أني شاب، ولست فتاة، وأقول: إذن فما الذي تستفيده الفتاة من ذلك، وما الذي يعود عليها من ذلك، فلعل المتقدم إليها كان مخادعًا في قرارة نفسه، بالرغم من إظهار عكس ذلك أمام الناس، وبالرغم من السؤال عنه أيضًا، وهو من داخله يريد أن يقضي وقتًا فقط، ولعل المتقدم إليها مشكوك فيه من الناحية الجنسية، وهو يريد فقط أن يسكت ألسنة الناس، فيخطب، ثم ينفصل، ويقول لمخطوبته، وللناس إذا سألوه: إن الزواج قسمة ونصيب، كما أن الخطبة قد تستمر ثمانية أشهر أو أكثر نظرًا لحالتهما، وقد تكون أيضًا هناك زيارات إلى بيت مخطوبته في وجود أهلها مرة كل أسبوع، أو مرة كل أسبوعين خلال ال ثمانية شهور، فما الذي سيعود على المخطوبة إلا جرح قلبها ومشاعرها، وتضييع وقتها، وغير ذلك إذا لم يكن من حقها أي شيء من الشبكة!؟ بالرغم من أن أهلها قد يتكلفون للخاطب بتقديم أشهى المأكولات، والمشروبات، مقابل أن يأتي الخاطب بهدايا بسيطة جدًّا، فهل ينطبق على المخطوبة التي تنفسخ خطبتها من جهة الخاطب، ودون سبب مقنع، أو حتى بسبب مقنع، المثل الذي يقول: "موت وخراب ديار"!؟، أريد أن أعرف أين حق الأنثى؟ هل حقها مهضوم في هذا الموضوع؟ وهذا الموضوع يهمني جدًّا؛ لأن لكل منا أقارب، وأهل، وأصحاب، وكلنا نريد الحق الذي يرضي الله عز وجل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمهر لا يستحق شرعًا إلا بالعقد الصحيح على المرأة، فإذا دفع الرجل إلى المرأة شيئًا من المهر، ثم فسخ الخطبة قبل أن يعقد عليها، فلا حق للمرأة في شيء منه، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم.

وما يدفعه الخاطب إلى المخطوبة من الذهب في بعض البلاد، ويطلقون عليه اسم: "الشبكة" هو في حقيقته جزء من المهر - كما هو الحال في مصر -.

قال الشيخ أحمد هريدي - من علماء الأزهر السابقين -: جرى العرف على أن ما يقدمه الخاطب لمخطوبته من شبكة، يعتبر من المهر، وذلك في المدن، وفي العائلات الكبيرة في القرى؛ ولذلك يجرون على زيادة قيمة الشبكة إذا قل المهر، والتقليل من قيمتها إذا كبر المهر؛ لأنها في نظرهم جزء منه، ومتمم له، والعرف السائد المقرر، له اعتباره في الشرع.

وعليه، فإن هذه الشبكة ترجع إلى الخاطب إذا فسخ الخطبة قبل العقد، ولا حق للمخطوبة في شيء منها، وهذا حكم عدل لا إشكال فيه، ففسخ الخطبة - وإن كان في الأصل مكروهًا - إلا أنه حق لكل من الخاطبين.

فإذا فعل أحد الخاطبين ما يحق له، فليس من العدل أن نبيح له أخذ مال الآخر دون وجه حق، بحجة الأضرار النفسية الناتجة عن فسخ الخطبة.

وتراجع الفتوى رقم: 122345.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني