الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تقديم الممسوس للحصول على معونة من الحكومة، وهل تحل له الزكاة والصدقة؟

السؤال

أنا رجل، وأسمع صوت الشيطان، وأعاني من مخاطبته طوال الوقت منذ فترة تقارب الأربع سنوات، وقسمًا بالله إني في العمرة أسمعه طوال الوقت، وواللهِ العظيم إنه أرهقني وأتعبني كثيرًا، وهو يقلد أصوات الناس، ويسبني، ويدعوني للكفر كثيرًا، ويهدف في أحيان أخرى إلى جعلي مشركًا، ولا أهنأ في دقيقة واحدة في اليوم، وفي الحمام يظل يخاطبني، وفي الصلاة، وفي الطعام، وعند سماع القرآن الكريم يشتت انتباهي، مع العلم أني أرى خيالات في اليقظة، وأشعر بوخز في مناطق مختلفة، وتتخدر يدي اليسرى بسرعة وأقدامي، وأحس بوخز عدو الله في كافة مناطق جسدي، وإن مخاطبته لي ترهقني كثيرًا؛ لأني أقاوم المخاطبة بعقلي وتفكيري، وأجاهدها حسب استطاعتي، وأنا أستمع للرقية الشرعية، وأقرؤها كل يوم، وأستمع لسورة البقرة كل يوم، وأقرأ أدعية الصباح والمساء والنوم، وأدعو على الشيطان بالهلاك كثيرًا، وأنا – للأسف - لا أعمل، ولا أستطيع العمل، وبحثت عن عمل خفيف فلم أجد، وكان بعض الناس يساعدونني في تدبر أموري المادية؛ إلا أنهم أصبحوا يطلبون مني العمل، وأنا غير قادر، وفي بلدي تعطي الحكومة ما يعادل 70 دولارًا للشخص الذي يعاني من العجز عن العمل بسبب المرض العضوي، أو الجسدي، بشرط أن لا يملك أرضًا، أو سيارة ... إلخ، وأنا لي حصة في قطعة أرض في منطقة بعيدة عن المدينة، ولا يوجد حركة بيع وشراء في تلك المنطقة، وعليّ ديون تراكمت بسبب المرض بما يعادل حصتي في تلك الأرض، وأنا أقول: إذا بيعت الأرض فسأقوم بسداد الديون، وعندي قدرة جسدية على العمل، ولكن مس الشيطان يضعفني كثيرًا، ويرهقني من خلال المخاطبة؛ مما يجعلني عصبيًا في بعض الأحيان، وقد أصابتني بعض الحالات العصبية في بعض الأعمال التي عملت فيها لفترات قصيرة؛ مما يجعل الناس تشك فيّ، وتبعد عني، حتى إخواني بدؤوا يبعدون عني، ويملون من حالتي، ولا يصدقونني، ويقولون لي: اذهب واعمل والله يعينك، وأنا غير قادر طبعًا، وأنا صابر على المرض، وإخواني بعيدون عني، وأنا أعيش وحيدًا، مع العلم أني واع ومدرك، وأستطيع القراءة والكتابة باللغتين، وأنا أبقى طوال اليوم في وعي كامل، فهل يحق لي أن أتقدم للحصول على معونة من الحكومة أم لا؟ ثم هل يجوز لي أن أحضر تقرير عجز نفسي؟ مع العلم أني لست مريضًا نفسيًا، ولكني مريض بالمس، وهو مرض روحي، وهذا المرض صعب، مع العلم أن عمري 38 عامًا، وغير متزوج، وهل تحق لي الزكاة أو الصدقة - جزاكم الله خيرًا -؟ وعذرًا على الإطالة، ولكن الحالة يجب أن توصف بدقة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يلبسك ثوب الصحة والعافية، وأن يعيذك من شر الشيطان ونفثه ونفخه، وننصحك بالرقية الشرعية، والتماسها ممن يوثق في علمه وورعه.

وأما مسألة التقديم للحصول على المعونة: فلا حرج فيه، لكن شريطة أن تبين للجهة المسؤولة حقيقة الأمر، ولا تغشها، أو تحتال عليها بتزوير، أو غيره.

واحذر من الخلوة والفراغ، واشغل نفسك دائمًا بالعمل، والقراءة، وغيرها، ولا تتجاوب مع ما يخيل إليك من أصوات، أو تسمعه، بل أعرض عنه صفحًا كأنه لا يعنيك؛ لأن تجاوبك معه، واستماعك إليه مما يزيده تمكنًا، وأكثر من قول الآية: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ {المؤمنون:98،97}

وأما الزكاة: فلها مصارف حصرها الله تعالى في الآية (60) من سورة التوبة، فقال: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ .

وعليه، فإن كان لديك ما يكفي مؤنة عيشك، أو تقدر على التكسب، وتحصيل حاجتك، فلست من مصارف الزكاة، لحديث عبيد الله بن عدى بن الخيار: أن رجلين حدثاه أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة فصعد فيهما البصر وصوبه، فرآهما جلدين، فقال: إن شئتما أعطيتكما منها، ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب. رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي.

وكونك تبدوا عصبيًا أحيانًا في العمل ليس عذرًا لتركه، وأنواع الأعمال كثيرة، واليد العليا خير من اليد السفلى.

وأما الصدقة من غير الزكاة: فلا حرج عليك في قبولها إذا أعطيت لك، لكن ما ننصحك به هو الترفع عن ذلك، وألا تكون يدك هي السفلى ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، وللفائدة انظر الفتويين رقم: 20195، 23333.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني