الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تصدق البنت من مال أبيها عن أمها دون علمه

السؤال

هل يجوز إعطاء الفقراء من أكل المنزل والمؤونة الزائدة عن روح والدتي دون علم أبي وأخواتي، حيث إن أخواتي لا يعترضن، ولكن أبي سوف يعترض لأن لديه بعض البخل، وأنا أعتبر ذلك من حق أمي؟ وهل هذا حرام؟ وهل تقبل الصدقة؟ وإذا لم أفعل ذلك فإن أبي لن يفعله مع أنه يقول إنه يعطي مالا عن روحها، ولكنني أحب أن أعطي الفقراء جزاء تعب أمي، وأبي إذا علم فسوف يغضب، وأنا التي أصنع الطعام في البيت، وأعلم أنه زائد، وأنه في الشهر التالي سيجلب ما يكفينا، فما رأي الشرع في ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننبهك أولا إلى أن الله تعالى قد أوجب بر الوالدين واحترامهما وتوقيرهما، وحرم تحريماً غليظاً كل ما يقتضي خلاف ذلك قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الإسراء:23-24}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والديوث، والرجلة من النساء. رواه الحاكم في مستدركه عن عمر.

وقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين وجلس وكان متكئاً، فقال: ألا وقول الزور، قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. رواه البخاري ومسلم.

ومن العقوق وصف الأب بالبخل ولو كان متصفا به، فتوبي إلى الله من ذلك، ولا تعودي إلى مثله، وفي خصوص ما سألت عنه: فلا يجوز لك إعطاء الفقراء أو غيرهم من مال أبيكم دون علمه، ولو كان ذلك للصدقة عن أمكم، فإن هذه الصدقة لا تقبل، لأن الله تعالى طيب، ولا يقبل إلا طيباً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الألباني.

ولا يبرر ذلك كونك التي تصنعين الطعام، أو أن أباك سيجلب ما يكفيكم. وراجعي فتوانا رقم: 145753، بعنوان: لا يتصدق الولد من مال والده إلا بإذنه.

هذا، وبإمكانك أن تتصدقي عن أمك من مالك الخاص، ولو بدون علم أبيك إذا كان لك مال وكنت رشيدة، قال ابن قدامة في المغني: للمرأة الرشيدة التصرف في مالها كله بالتبرع والمعاوضة. اهـ واحتج لذلك فقال: ولنا قوله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ {النساء: 6} وهو ظاهر في فك الحجر عنهم وإطلاقهم في التصرف، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن، وإنهن تصدقن ولم يسأل، ولم يستفصل. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني