الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إنجاء الله لعبده بأسباب من تقديره، وحكم قول: هذا من عفوك

السؤال

ما المقصود بأن من خرج من الإسلام بشيء يدخله بفعله، فلو أنكر أحد القدر ثم رجع، فهل يجب عليه نطق الشهادتين؟ أم يكفي أن يؤمن بالقدر مرة أخرى؟ كما توجد أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن سورة الملك وعن فضلها وأنها تنجي من عذاب القبر وتخطر في نفسي أسئلة أن الله تعالى هو الذي ينجي من عذاب القبر، وكذلك المعوذات تحمي الإنسان، فكيف يكون ذلك والله تعالى هو الذي يحمي عباده؟ فهل هذه الأسئلة كفر؟ كنت أشكر الله فقلت هذا من عفوك، فهل جملة: من عفوك ـ فيها خطأ؟.
أرجوكم ساعدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمقصود أن المرتد بجحد فرض ونحوه، لا يكفي في إيمانه النطق بالشهادتين، بل لا بد أن يُضيف إلى ذلك الإقرار بما جحده، فجواب مسألتك على هذا بأن المكذب بالقدر يلزمه الشهادتان، مع الإقرار بإيمانه بالقدر، وراجعي الفتوى رقم: 94873.

وقد بينا في الفتوى رقم: 141164، فضل قراءة سورة الملك، وأنها تمنع من عذاب القبر.

ولا يتنافى ذلك مع كون الله تعالى هو الذي يُنجي، فإن الله يُنجي عبده بأسباب قدرها ومنها قراءة بعض السور، كما أن الله يرزق، ولكنه قدر للعبد أسباب الرزق، والله هو من أضحك وأبكى، ومع ذلك جعل أسباباً للضحك، والبكاء، وهذه الأسئلة لا تعد كفرا ما دام القصد منها التعلم أو دفع الشبهات التي قد يلقيها الشيطان في نفس الإنسان، وراجعي الفتوى رقم: 135798.

فاصرفي عن نفسك هذه الوساوس، ونسأل الله أن يعافيك من الوسوسة، وننصحك بملازمة الدعاء، والتضرع، وأن تلهي عن هذه الوساوس، ونوصيك بمراجعة طبيب نفسي ثقة، ويمكنك مراجعة قسم الاستشارات من موقعنا، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 3086، 51601، 147101، وتوابعها.

وأما عبارة: هذا من عفوك ـ في مقام شكر الله أو شكر المخلوق، فلا بأس بها، فالله تعالى متصف بالعفو، كما في مواضع كثيرة من القرآن، قال تعالى: فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا {النساء: 99}.

وقال تعالى: إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا {النساء: 149}.

وما نعيش فيه من هناء، أو توفيق فهو من ثمرات عفوه، وعدم مؤاخذتنا بالعقوبة، قال تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ {التوبة: 43}.
وحكى ابن رجب ـ رحمه الله ـ عن بعض السلف: الآخرة عفو الله أو النار.

وقال تعالى في عفو المخلوق: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40}.

وبالجملة، فالكلمة ليس بها أي شيء، واصرفي عن نفسك هذه الوساوس.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني