الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ما تم تقديمه من الذهب يعد هدية أم من المهر؟ ومتى يدفع مؤخر الصداق؟

السؤال

1ـ أنا متزوج من بنت عمي ـ شقيق والدي ـ منذ ما يقارب من أربعة عشر عامًا ونصف العام.
2ـ عند التقدم لخطبتها كان الاتفاق أن عاجل المهر مليون دينار، وآجله مليونا دينار.
3ـ تم دفع مبلغ نصف مليون دينار، وذهب بقيمة مليون تقريبًا، وكان في نيتنا أن يكون إجماله هو الصداق، ولم يكن هناك اعتراض من زوجتي وأهلها، ولعلهم كانوا يعتبرون الذهب هدية لا علاقة لها بالمهر المقدم.
4ـ في الآونة الأخيرة بدأت زوجتي تذكر الموضوع على أننا لم نقدم المهر بكامله، وهو في ذمتنا، حيث إن والدتي توفيت بعد زواجي بأقل من سنتين، ولا أريد أن يكون في ذمتي أو والديّ شيء، وأنا ـ والحمد لله ـ قادر على أن أدفع ما تريد.
5ـ السؤال الأول هو: هل يعتبر ما تم تقديمه من ذهب مع المبلغ من الصداق؟
6ـ السؤال الثاني: إذا كان علي أن أدفع النقص فكم المطلوب مني خشية أن تكون هناك فائدة - والعياذ بالله -؟
7ـ علمًا أن سعر صرف الدينار مقابل الدولار في حينها كان 2000 دينار للدولار الواحد ـ فالمبلغ كان يعادل 250 دولارًا ـ والآن سعر الدولار الواحد: 1250 دينارًا.
8ـ سعر الذهب في حينها كان الغرام الواحد:17000 دينار، وسعره الآن 40000 دينار.
9ـ لم أقصر في حق زوجتي، وليست هناك مشكلة بيننا، ولكن: من يتقي الله يجعل له مخرجًا ـ والله من وراء القصد، والله الموفق.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يرزقك الصدق في الأقوال والأفعال، والهدى والتقى، والعفاف والغنى، وأن يجعل لك من كل همّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا.

وبالنسبة للسؤال الأول: فإذا اختلف الزوجان فيما دفعه الزوج من الذهب، أدفعه بنية أنه تتمة مقدم المهر أم بنية الهدية؟ فالقول قول الزوج؛ لأنه أعلم بنيته، قال الموفق في المغني: فَصْلٌ: فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهَا أَلْفًا ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ: دَفَعْتهَا إلَيْك صَدَاقًا، وَقَالَتْ: بَلْ هِبَةً، فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي نِيَّتِهِ كَأَنْ قَالَتْ: قَصَدْت الْهِبَةَ، وَقَالَ: قَصَدْت دَفْعَ الصَّدَاقِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا نَوَاهُ، وَلَا تَطَّلِعُ الْمَرْأَةُ عَلَى نِيَّتِهِ. اهـ.

لكن الزوجة غير ملزمة بأن تقبل الذهب بدل باقي معجل المهر كما أردت؛ لأن الاتفاق كان على الدنانير، وليس على الذهب، فلها أن ترد الذهب، وتطالب بما بقي لها من المهر، قال في الكشاف على الإقناع ممزوجين: لَكِنْ إذْ كَانَ مَا دَفَعَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، فَلَهَا رَدُّهُ، وَمُطَالَبَتُهُ بِصَدَاقِهَا الْوَاجِب؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْمُعَاوَضَةِ بِلَا بَيِّنَةٍ.

وجاء في المغني: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ، فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى صَدَاقِ أَلْفٍ، فَبَعَثَ إلَيْهَا بِقِيمَتِهِ مَتَاعًا وَثِيَابًا، وَلَمْ يُخْبِرْهُمْ أَنَّهُ مِنْ الصَّدَاقِ، فَلَمَّا دَخَلَ سَأَلَتْهُ الصَّدَاقَ، فَقَالَ لَهَا: قَدْ بَعَثْت إلَيْك بِهَذَا الْمَتَاعِ، وَاحْتَسَبْتُهُ مِنْ الصَّدَاقِ، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: صَدَاقِي دَرَاهِمُ، تَرُدُّ الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ، وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِصَدَاقِهَا.

أما بالنسبة للسؤال الثاني: فقد بينا في إجابة السؤال الأول أن الزوجة إما أن تقبل بالذهب بدل بقية معجل المهر، أو أن ترده وتطالب ببقية معجل المهر نصف مليون دينار حسب أصل الاتفاق؛ لاختلاف الجنسين، فإذا لم تقبل بالذهب وطالبت ببقية معجل مهرها دنانير، فالصحيح أن تغير سعر صرف الدينار لا أثر له في تسديد الديون ما دامت العملة رائجة، ولم تنقطع من السوق؛ لأن الأصل المثلية في سداد الديون، وينظر الخلاف في هذه المسألة في الفتوى رقم: 66686 .

وعليه، فيكون لها الحق في أن تعطى نصف مليون دينار التي هي باقي معجل المهر، وترد الذهب الذي أخذته، وإذا رغبت في أن تأخذ من الذهب بقيمة مهرها فلك أن تصارفها على النصف مليون دينار بما يقابله من الذهب بسعر الصرف يوم الأداء على أن لا تفترقا وبينكما شيء، كما بيناه في الفتوى رقم: 5610.

وأما مؤخر الصداق: فإن كان له أجل معلوم فيجب على الزوج سداده عنده، وإلا فليس لها المطالبة به إلا عند الفراق بموت، أو طلاق، وراجع فتوانا رقم: 97625 بعنوان: مؤخر المهر.. رؤية شرعية اجتماعية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني