الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

السؤال: هنالك شخص يتشدد في لمس لحيته من قبل أي أحد حتى لو كان أباه، أو جده، ويقول إن مسها شبهة في العرف كمس الوجه، والخد.
فهل هو على حق؟
وهل قال السلف شيئا في هذا؟
وهل كان من حول النبي صلى الله عليه وسلم يمسون (وجهه، أو خده، أو لحيته، أو شعر رأسه) ويقرهم على ذلك؟
وهل هناك حديث يدل على ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمس اللحية لا حرج فيه، فقد جاء في صحيح البخاري في قصة الحديبية -وذكر عروة بن مسعود-: وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلَّمَا تَكَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَالمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ السَّيْفُ، وَعَلَيْهِ المِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ لَهُ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ...".

وفي رواية ابن إسحاق: فجعل يتناول لحية النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يكلمه. اهـ.

قال ابن بطال في شرح البخاري: وقوله: (فكلما أخذ بلحيته) يعني: على ما جرت به عادة العرب عند مخاطبتها لرؤسائها، فإنهم يمسون لحاهم، ويصافحونهم، يريدون التحبب إليهم، والتبرك بتناولهم، وقد حكي عن بعض العجم أنهم يفعلون ذلك أيضًا، فلما أكثر عروة من فعله ذلك، رأى المغيرة أن منزلة النبوة مباينة لمنازل الناس، وأنها لا تحتمل هذا العمل؛ لما يلزم من توقير النبي صلى الله عليه وسلم، وإجلاله. انتهى.

وقد يُمسك باللحية على سبيل الإهانة؛ فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: مَنْ يَنْظُرُ لَنَا مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ؟ " فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ. قَالَ: " فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ: أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ؟ فَقَالَ: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ؟ وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قال القسطلاني: متشفيًا منه بالقول، والفعل؛ لأنه كان يؤذيه بمكة أشد الأذى. اهـ.

وإذا كان المرء يكره ذلك، فلا ينبغي أن يمنع أباه، أو جده من ذلك طالما أنه أمر مباح.

وراجع الفتاوى أرقام: 108354، 76303، 45402.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني