الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حق الزوج في منع زوجته من زيارة أهلها واستخدام برامج التواصل

السؤال

زوجي يريد التحكم في حياتي، فماذا أفعل؟ فزوجي ذو مشاكل كثيرة، ولا أستطيع تحمل المزيد، فقد منعني من برامج التواصل الاجتماعي الواتساب، ومنعني من الذهاب مع أهلي إلى أي مكان، ويسمح لي بالذهاب مع أهله متى شئت، واكتشفت أنه ذو صلة بمشاهدة رقص النساء، وقد وجدت رقمًا لبنت في جواله، وأريد حلًّا، فهو يحبني ويقسو عليّ، فهل يجوز له منعي من الواتساب، ومن أهلي؟ مع العلم أني اشترطت عليه أن لا أحذف الواتساب وقد وافق.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقسوة الزوج على زوجته يتنافى مع ما هو مأمور به من حسن صحبتها، ومعاشرتها بالمعروف، كما قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، ومن الغريب أن يحب الزوج زوجته، ثم يقسو عليها، ولكن إن كان يحبها، ومن أجل ذلك يغار عليها، ويخشى أن تفتن، وتقع في حب غيره، فهذا أمر محمود في حد ذاته إذا لم يخرج عن حد الاعتدال، ويقع الزوج بسببه في وساوس قد تكون سببًا في التضييق على زوجته، وإيقاعها في الحرج، وراجعي الفتوى رقم: 63981.

ولا ينبغي أن تكون الغيرة دافعة للزوج لمنع الزوجة - في غير ريبة - من الخروج مع أهلها أحيانًا، أو التواصل مع صديقاتها عن طريق برنامج التواصل الاجتماعي حتى لا تكون بينه وبينها عوائق يمكن أن تؤثر على الحياة الزوجية.

وننصح هنا بأن تسود الثقة بين الزوجين، ويكون بينهما الحوار في هدوء، ومع احترام كل منهما للآخر، والعمل بما فيه مصلحة حياتهما الزوجية.

وإن أصر زوجك على منعك فالواجب عليك طاعته؛ إذ لا يجوز للزوجة الخروج من بيت الزوجية إلا بإذن زوجها، كما بينا بالفتوى رقم: 33969. ووسائل التواصل الاجتماعي هذه لا تخلو من محاذير وذرائع إلى الفتنة والفساد، والزوج مأمور شرعا بصيانة زوجته في دينها وعرضها ، قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، قال ابن عباس رضي الله عنهما: علموهم وأدبوهم.

ولكن في المقابل كما أن الزوج يحرص على زوجته والحفاظ عليها ينبغي أن يكون حريصًا على الحفاظ على أعراض الآخرين، فيحذر أي علاقة بنساء أجنبيات عنه، ففي الحديث المتفق عليه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. فما ذكرت عن زوجك من أنه يشاهد راقصات - إن ثبت عنه - فهو أمر منكر يجب نصحه بخصوصه.

وأما وجود رقم هاتف إحدى البنات في جواله فليس بمجرده دليلًا على أن له علاقة مشبوهة بها، وإن ثبت ذلك فلينصح فيه أيضًا، ويبين له خطورة مثل هذه العلاقات، وأنها من عادات الجاهلية التي جاء الإسلام بإبطالها وتحريمها، كما قال تعالى: وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة:5}، أي: خليلات وصواحب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني