الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحريم العلاقة بالمتزوجة وتخبيبها على زوجها

السؤال

جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه من خدمات جليلة في تسهيل المادة العلمية لعامة المسلمين .
سؤالي يقول: أنا شاب مطلق، تواصلت من فترة مع أخت صديقي المعتقل لمعرفة احتياجاتهم، والعمل على توفير ما أمكن من المال كمصروف لأسرتهم المبتلاة، نسأل الله أن يفرج همهم وهم المهمومين.
حديثي مع الأخت كان مقتضباً جداً، مجرد معرفة أحوالهم ومتطلباتهم، وسؤالها عن استلام النقود للتأكد منها.
انجررت بداية لأطلب منها أن تعثر لي على زوجة صالحة بين صديقاتها، فسألتني عن مواصفاتي ومواصفات الزوجة التي أريد، وتتابعت الأحداث لأشعر بأن هذه الفتاة قد وقعت بحبي، وصارت تدخل النت لتتحدث معي.
حاولت صدها فلم أفلح، فسألتها إن كانت متزوجة مضمراً في قلبي خطبتها، فكانت الطامة أنها متزوجة من شاب لا يعرف لله حقوقاً، تاركاً للصلاة، مسرفاً في المعاصي، يلعب القمار، ورزقه من حلاقة شعر السيدات، وأنه يحاول فتنتها في دينها بالوسوسة لها بخلع الحجاب، والركون إلى الدنيا، والخوض في غمار اتباع الهوى، أيضاً أخبرتني بأنه مطلاق كلما غضب منها طلقها، ولو لأتفه الأسباب، ثم يعود إلى رشده فيعتذر لها، وتعود حياتهما لسابق عهدها مجدداً، وكأن شيئاً لم يكن ، وذلك بسبب مجتمعها الفاسد الذي تعيش فيه، فلا عائلتها ولا عائلته ملتزمة، وكلتهما لا تعيران اهتماماً لحدود الله خاصة في مثل هذه المواطن.
كما ذكرت أنها تريد الطلاق منه طاعة لله، وخشية من مشاركته أكل المال الحرام بعد أن نصحته كثيراً، لكنه لم يتب ولم يتوقف عن موبقاته وآثامه .
حاولت صدها مرات ومرات غير أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، والنفس أمارة بالسوء ، فلا ألبث أن أعود للحديث معها تارة، تحدثني لتسألني عن حكم شرعي، وتارة لأستفسر عن أحوالهم، ولتستنصحني في أمور دنياها متذرعة بفقد الأب، وتغييب الإخوة في الأسر تارة أخرى .
رأيت صورة لها بالخمار على صفحتها على الفيس بوك، وازداد تعلقي بها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لا أنكر أنني بدأت أهتم لشأنها، وبدأت تتحرك مشاعري تجاهها، وقد سألت صديقاً من طلبة العلم أحسبه على خير، ولا أزكيه على الله، فنصحني بأن أضبط محادثتي معها بما يرضي الله ولا أقطعها ، ثم إن هي تطلقت فهو بمثابة فسخ من هذا الرجل، وأنه يمكنني التعريض لها عندها بالزواج، وانتظارها لتكمل عدتها فأتزوجها.
أيضاً استفتيت لحالتها مع زوجها شيخاً فأفتى بالطلاق فوراً، وأن لا تقعد مع هذا الرجل ولو لبرهة.
أنا أخشى أن أكون مخبباً لهذه المرأة على زوجها - لا قدر الله - وأخشى أن أتركها في محنتها هذه، فتركن للمعاصي والآثام. أخشى من مشاعري التي قد تعرض بل قد عرضت لها عن إعجابي بها، وقد علمت من مجريات حديثي معها بأن مواصفاتها تتوافق مع متطلباتي بالنسبة للزوجة التي أريدها أن تبحث لي.
أخيراً أخبرتني بأن زوجها قد وعدها أن يصلي ويترك لعب القمار إن هي عادت إليه بعد أن تركت المنزل، ورحلت لبيت أمها، وهي أيضاً محتارة بين أن تصدقه، وقد كذب عليها تكراراً في مثل ذلك، وبين أن تحسم أمرها فتتطلق منه.
أيضاً أنا محتارٌ في هذه الجزئية، فتراني أنصحها أن تعود، ثم أتراجع لأن ماله ما يزال كله بالحرام، ووعده بالصلاة قد كرره عليها لثلاث سنوات دون أن يصلي إلا ركعتين خلال فترة زواجهما كلها.
وهي تخشى الآن أن تكون قد خانت زوجها، فقد أخبرتني أن نيتها في طلب الطلاق لم تكن كلها لله كما ذكرت لك سابقاً، بل لأنها لا تحبه، ولأنها أحبتني، ثم وجدت عندها مخرجاً شرعياً للطلاق منه فسارعت لاغتنامه.
باختصار أنا ضائع، وأريد نصحكم وإرشادكم.
جزاكم الله خيراً، ونفع بكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك أن تتوب إلى الله، وتقطع علاقتك بتلك المرأة، واحذر من التهاون في هذا الأمر، واتباع خطوات الشيطان بتزيينه لك مكالمتها والتواصل معها بدعوى المصلحة، وعليك التقيد بالضوابط الشرعية في الحديث معها، وإذا كانت المرأة محتاجة للاستفتاء أو استشارة أهل الرأي، فعليها أن تسأل أهل العلم وتستشير أهل الرأي، وليس ذلك مرهوناً بمكالمتك، وكأنّ كل طريق قد انسدت أمامها، ولم يبق لها طريق للسؤال إلا عن طريقك!
فهل يكون ذلك إلا تلبيسا من الشيطان، واستدراجا لكما؟ فقفا عند حدود الله، وأغلقا باب الفتنة فوراً، وتوبا إلى الله مما مضى.
ولا ريب في كون تخبيب المرأة على زوجها من كبائر الذنوب، بل ذهب بعض العلماء إلى عدم صحة زواج المرأة ممن خبّبها على زوجها، معاقبة له بنقيض قصده، وانظر الفتوى رقم : 118100 هذا بالنسبة لك أنت.

أما المرأة فإن كان ما تقول في شأن زوجها من الفسق حقا، فلها أن تطلب الطلاق منه، بل إن كان تاركا للصلاة -كما تقول- فقد يجب عليها طلب الطلاق عند من يرى كفر تارك الصلاة كسلا.
فإذا خالعت زوجها أو طلقت منه، وانقضت عدتها، فلا حرج عليك أنت عندئذ في الزواج منها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني