الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنفقت على زوجها وأولادها وتريد الرجوع بها على زوجها

السؤال

آسفة لأن سؤالي لم يكن واضحا بشأن أنني زوجة، وكنت أعمل لمدة طويلة تقريبا، وكنت أصرف راتبي على نفسي وبيتي، وكان زوجي عنده تقصير وتغاض عن مصروفات البيت، واحتياجاتي بحجة أنني موظفة، ولكن لم يكن مقصرا مع أهله. المهم بعد استقالتي طالبته بشيء لي لأنني ما عدت أملك شيئا، لم يستجب لطلبي، وانقطع التواصل بيننا إلا للضرورة، مع العلم أني أثناء الصرف كنت أحيانا أصرف مجبرة لقلة اهتمامه، وأحيانا برغبتي وحبي لأولادي، رغم أنني غير مجبرة على الصرف. سؤالي: ألا يحق لي استرجاع بعض أموالي التي صرفتها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجه ولو كانت غنية أو موظفة ، قال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ {الطلاق:7}. وقال صلى الله عليه وسلم: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. رواه مسلم.

وقد بينا في الفتوى رقم : 105673، ما هي النفقة الواجبة للزوجة فراجعيها.

فإن كان زوجك قد امتنع عن النفقة الواجبة أو بعضها، فلك الرجوع بما أنفقت على نفسك منها مدة امتناعه مطلقا ، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية : تعتبر النفقة دينا في ذمة الزوج بمجرد وجوبها عليه وامتناعه عن أدائها، ولا يسقط هذا الدين عنه مطلقا إلا بالأداء أو الإبراء كسائر الديون: سواء أحكم بها القاضي، أم تراضيا عليها، أم لم يحكم بها ولم يتراضيا عليها. وإليه ذهب المالكية والشافعية والحنابلة. مستندين في ذلك إلى: ما ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد فيمن غاب عن نسائه من أهل المدينة، فأمرهم أن يرجعوا إلى نسائهم، إما أن يفارقوا، وإما أن يبعثوا بالنفقة، فمن فارق منهم فليبعث بنفقة ما ترك . ولأن النفقة حق يجب مع اليسار والإعسار، فلم يسقط بمضي الزمان كأجرة العقار والديون. ولأن النفقة عوض أوجبه الشارع بمقتضى العقد في مقابل احتباس الزوجة لمنفعة الزوج وقيامها على شؤون البيت ومصالحه، وإذا كانت النفقة عوضا فإنها تكون دينا كسائر الديون من استحقاقها كما في كل أجرة وعوض .اهـ.

وأما النفقة على الأولاد : فما كان منها واجبا على الزوج - وهو ما بيناه في الفتوى رقم : 223948. والفتوى رقم : 121134- ونويت حال إنفاقها الرجوع بها على الزوج فلك مطالبته بها؛ لأنها بمنزلة القرض حينئذ، وأما إذا لم تنوي الرجوع فإنها تعتبر هبة منك للزوج، ولا يحق لك مطالبته بها.

قال ابن رجب : (القاعدة الخامسة والسبعون) : فيمن يرجع بما أنفق على مال غيره بغير إذنه وهو نوعان: أحدهما: من أدى واجبا عن غيره. والثاني: من أنفق على ما تعلق به حقه من مال غيره. فأما النوع الأول فيندرج تحته صور: منها: نفقة الرقيق والزوجات والأقارب والبهائم إذا امتنع من يجب عليه النفقة فأنفق عليهما غيره بنية الرجوع فله الرجوع، كقضاء الديون. ذكره القاضي في خلافه، وابن عقيل في مفرداته .اهـ.

وراجعي للفائدة الفتوى رقم :34771 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني