الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصلوات التي صليت دون تطهر من الإفرازات؟ وهل يجوز صلاة عدة صلوات بوضوء واحد؟

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 35 سنة، بدأت أصلي في عمر 18 سنة، ولكن كانت معلوماتي ضحلة في ما يخص أمور الدين بشكل عام، ومنها أمور الطهارة، فالوضع العام في البلاد لم يكن يسمح بالمعرفة الدينية، وبمرور السنوات، وبالبحث بدأت أعرف أشياء جديدة عن أمور الطهارة والصلاة، وتحسنت الأمور تدريجيًا - والحمد لله - ولكن هناك مسألة لم تعترض طريقي، ولم ألق لها بالًا، وقرأت عنها مؤخرًا، وهي مسألة الإفرازات التي تخرج من المرأة، وأنها ناقضة للوضوء، وهذه الإفرازات مستمرة بالنسبة لي؛ وبذلك يتوجب علي الوضوء لكل صلاة بدخول الوقت للصلاة، وما يتبعها من نوافل، وقراءة قرآن، ولكن هناك أمور أشكلت عليّ، وأرجو مساعدتي على فهمها.
1- ما حكم ما صليته منذ سن 18 إلى حد معرفتي بهذه المعلومة - وهذا من شهر تقريبًا -؟ فقد كنت أصلي بوضوء واحد عدة صلوات رغم خروج هذه الإفرازات، وأيضًا كانت هناك عدة نواقص أخرى، سواء في الطهارة، أم في أداء الصلاة، تعلمتها بمرور الوقت - كما ذكرت -.
2- أنا بدأت منذ مدة في قضاء الصلوات التي لم أصلها منذ البلوغ حتى سن 18، وذلك بصلاة وقت مع كل وقت، يعني أصلي مع الصبح الصبح، الظهر مع الظهر، وهكذا، ولكن توقفت منذ معرفتي بمسألة وجوب الوضوء لكل صلاة؛ لأني لم أعرف كيف أتصرف، فهل يكفي وضوئي لكل صلاة فريضة حاضرة، ومعها صلاة قضاء؟ فمثلًا في صلاة الصبح والعصر إذا توضأت بدخول الوقت وصليت الحاضرة ثم القضاء، فهل صلاتي في هذين الوقتين صحيحة؛ نظرًا لكراهة الصلاة فيهما، أم يتوجب علي الوضوء لكل صلاة مفروضة، سواء كانت حاضرة أم قضاء، وسواء صليت وقتًا مع كل وقت أم صليت يومًا كاملًا متتابعًا؛ وبهذا سأتوضأ 10 مرات في اليوم، وهذا كثير عليّ، خاصة في فصل الشتاء مع برودة الطقس، وأنا أعاني من الصقيع على مستوى الأطراف.
3- بالنسبة للصوم؛ ما حكم ما صمته منذ البلوغ دون صلاة إلى حد 18 سنة؟ وأيضًا جهلي بأمور الطهارة في ما يخص الحيض، فلم أكن أعرف علامات الطهر الكامل لأعود للصوم، فربما اغتسلت وعدت للصوم برغم وجود الصفرة والكدرة، فأفيدوني - بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما الصلوات التي صليتها دون أن تتوضئي من هذه الإفرازات، ففي صحتها خلاف بين العلماء، فإن المالكية يرون صحتها لكونهم لا يوجبون الوضوء من الحدث الدائم، وقولهم هذا له قوة واتجاه على ما بيناه في الفتوى رقم: 141250، وإن كنا لا نفتي بهذا القول، لكن لا حرج عليك في العمل به ما دام فعلك قد وافق قولًا معتبرًا على ما بيناه في الفتوى رقم: 125010.

وأما قضاؤك الصلوات التي تعمدت تركها، فهو محل خلاف كذلك، وقد أوضحنا هذا الخلاف في الفتوى رقم: 128781، وحيث أردت القضاء، فإن الواجب عليك أن تقضي بحسب استطاعتك، بما لا تتضررين به في بدنك، أو في معيشة تحتاجينها، وذهب فقهاء المالكية إلى أنه يكفيك صلاة يومين مع كل يوم، ولبيان كيفية القضاء راجعي الفتوى رقم: 70806.

وإذا كنت مصابة بسلس الرطوبات - كما ذكرت - فإنك تتوضئين بعد دخول الوقت، وتصلين ما شئت من الفروض المؤداة، أو المقضية، وما أردت من النوافل حتى يخرج ذلك الوقت الذي توضأت بعد دخوله، وراجعي الفتوى رقم: 98130.

وأما صومك فإنه صحيح، وإن كنت تركت الصلاة، فإن الصوم ليس من شرطه الطهارة، ومعصية ترك الصلاة لا تبطل الصوم.

وأما الصفرة والكدرة فقد بينا حكمهما، ومتى تعدان حيضًا في الفتوى رقم: 134502، فإن كنت صمت مع وجود هذه الصفرة أو الكدرة التي تعد حيضًا، فعليك أن تقضي تلك الأيام التي صمتها والحال هذه؛ لأن صوم الحائض لا يصح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني