الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كون الشخص مبتدعًا لا يبيح الاعتداء عليه

السؤال

قمت بالاعتداء بالضرب على شخص من أهل البدع، وكان طالبًا في فصلي منذ سنوات، وبعد ضربه اشتكى لوالدي الذي كان مدرسًا في نفس المدرسة، وذهبا إلى المدير، فذهبت إلى المدير، وبعد حديث جرى أمام المدير قال الطالب: إنه سامحني، أو عفا عني، أو ما شابه ذلك حسبما أذكر، فهل يجب علي أن أطلب منه مسامحتي الآن، باعتبار أنه ربما قالها مجاملة للمدير، أو لوالدي الذي كان حاضرًا في غرفة المدير مع الطالب؟ وماذا عن كونه من المبتدعة؟ فهو إن كان مسلمًا وليس مارقًا، فليس أقل من كونه مبتدعًا ضالًا - جزاكم الله تعالى خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن اعتداءك على هذا الرجل يعتبر من الظلم المحرم، إن لم يكن صدر منه ما يوجب ضربه، فقد قال الله تعالى: وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {المائدة:87}.

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: فإن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا.... متفق عليه.

ولا يبيح لك الاعتداء مجرد كونه مبتدعًا، فإن أهل الذمة مع كفرهم يحرم ظلمهم؛ لما في سنن أبي داود، وصححه الألباني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة.

وأما إذا سامحك وهو غير مجبور، فهذا يكفي ـ إن شاء الله ـ ولا عبرة بتوهم ما ذكرت.

وأما إن كان سامحك حياء من المدير، أو مجاملة، ولم يكن مسامحًا بقلبه حقيقة، فإن المأخوذ حياء كالمأخوذ غصبا، وقد قال الناظم:

لا شك في تحريم ما لولا الحيا * لم يعط إذ هو كغصب رويا

لأن وقع الذم في القلب أشد * عند ذوي الألباب من ضرب الجسد.

وعلى أي حال، فلا يجب عليك أن تعود وتطلب منه المسامحة، هذا وينبغي التنبه إلى أهمية النصح لهذا الشخص بتحذيره من البدعة، وتوضيح منهج أهل الحق له - لعل الله يرزقه التوبة والإنابة -.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني