الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التقدم للمناقصات وتقديم ملفات وهمية لمنافسين وهميين

السؤال

أعمل في مجال المقاولات، وفي القانون لدينا في الجزائر يجب على الهيئة المختصة أن تنشر العروض للعلن، ويجب أن يستجيب للعرض من المقاولين على أقل تقدير 3 فما فوق، ولكن المسؤولين لا يفعلون ذلك في غالب الأحيان، بل يكتمون العروض، ويطلبون من أشخاص مقربين منهم أن يأتوهم ب3 سجلات مقاولات مختلفة؛ لكي يوحوا إلى مسؤوليهم أنهم قاموا بنشر العرض؛ وبذلك يمنحون الصفقة لمن أحبوا، وبذلك لا نحصل نحن أيضًا على أي صفقة، وسؤالي هو: أعرف أشخاصًا يحاولون مساعدتي بفرضي على هؤلاء المسؤولين فرضًا، ولكي أحصل على الصفقات يجب أن أقوم بنفس الطريقة ـ أي 3 سجلات تجارية مختلفة ـ مع العلم أنها مجرد مساعدة لا رشوة، ولا أي شيء آخر، مع العلم أنني لا أغش في عملي، ولا أريد إلا أكل الحلال.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الحرام بين، والحلال بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يدري كثير من الناس أمن الحلال هي أم من الحرام؟ وموقف المسلم من المشتبهات الورع والاجتناب، ثم إن المسلم الذي آتاه الله حظًّا من التقوى لا يليق به أن يحابي نفسه، بل عليه أن يفتيها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استفت قلبك: البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك. رواه أحمد، والدارمي، والطبراني، وحسنه النووي.

والأصل في المشاريع التي تعرض في صورة مناقصة، أو نحو ذلك أن تكون من نصيب الأفضل جودة وسعرًا، وإنما وضعت كذلك للمنافسة، ولا يتأتى ذلك إن كان المتقدم واحدًا، وقدم ملفات وهمية فحسب، سواء تم بذلك عن طريق وساطة أم بذل رشوة؛ لما يشتمل عليه من المحاذير الشرعية.

ومن ثم فلا يجوز لكم أن تسلكوا تلك الطريقة للحصول على المناقصات؛ لما يترتب عليها في الغالب من ظلم جهة المناقصة، وأكل مالها بالباطل، وكل ذلك محرم، غير أنه لو تعين ذلك وسيلة للوصول إلى الحق، فلا حرج فيه، شريطة التزام المواصفات المطلوبة، وأداء العمل بإتقان، وعرض ما يغلب على الظن أنه أفضل الأسعار وأنسبها، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 127802.

وليعلم المستفتي أنه لا تعذره فتوى المفتي من الله إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه؛ لحديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئًا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها. رواه البخاري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني