الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلاق لا يقع إلا بقصد التلفظ به، وحكم عبارة: "أنت لست زوجتي"

السؤال

أنا امرأة متزوجة من رجل يحبني كثيرًا، وأنا أيضًا أحبه كثيرًا، إلا أنني مريضة بالوسواس. وكنت أتحدث يومًا معه على الهاتف، وقلت له: أنت بعيد عني؛ لأنه يعمل في مدينة أخرى، وسوف تتركني وتطلقني في يوم من الأيام إذا واصلنا على هذا الحال، فرد عليّ قائلاً: "والله ما نطلقك، والله ما نطلقك، والله ما نطلقك، والله ثلاث مرات لا طلقتك" وكل هذا بلهجة مغربية، وبعد لحظات جاءني وسواس بالنسبة للجملة الأخيرة (رغم أني متأكدة من الجمل الأولى: والله ما نطلقك، والله ما نطلقك ، والله ما نطلقك) أي عبارة والله ثلاث مرات لا طلقتك، فقلت له: إنك فعلت، قد طلقتني لأنني ظننت، ولست متأكدة أنه قال: والله ثلاث مرات إيلا طلقتك، وهذه العبارة عندنا تعني تأكيد الفعل في الماضي، فرد علي: هل جننت؟ إنني أقول العكس تمامًا، وعللها بقوله: ألا تقولون "والله لا (أو ايلا لا أذكر) أعطيتك إياه"، وبعدها أصبت بنوبة من الوسواس، وتشاجرنا كثيرًا، فقال لي بعد أن استنفد جميع طرق الإقناع: أنت لست زوجتي؟ إذن أنت لست زوجتي، إذن قوليها للقاضي، فهل يقع الطلاق في المرة الأولى إذا أخطا بين الكلمتين: لا و ايلا؟ علمًا أنني متأكدة أنه كان ينفي، لكني لست متأكدة من صحة تعبيره؟ وهل يقع الطلاق في المرة الثانية؟ علمًا أنه لم تكن لديه نية، ولا يعرف طلاق الكناية أبدًا، بل جاراني في الكلام فقط؟ أجيبوني - رحمكم الله - فأنا أعيش في هم وغم منذ ذلك الحين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بلغ منك الوسواس مبلغًا عظيمًا، وأضر بك ضررًا بالغًا، وسبب ذلك هو استرسالك مع الوساوس، واستسلامك لها، وعدم مجاهدتك نفسك في تركها والإعراض عنها، وقد بينا مرارًا وتكرارًا أن أفضل علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله هو الإعراض عنها، وعدم الاكتراث بها، ولا الالتفات إلى شيء منها؛ وانظري الفتوى رقم: 51601، والفتوى رقم: 3086.

وفي خصوص ما سألت عنه فلو فرض أن زوجك في المرة الأولى قد نطق - حقيقة - بالكلمة التي ذكرتها، وليس وهمًا منك، فغاية ذلك أن يكون سبق لسان منه بالطلاق، والطلاق لا يقع إلا بقصد التلفظ به، وهو ما بيناه في الفتويين: 161953، 72095.

وأما المرة الثانية فقول: (أنت لست زوجتي) من كنايات الطلاق، وهو ما دل على الفراق بغير مادة الطلاق، والكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنية، كما بيناه في الفتوى رقم: 157431، وحيث إنه قال ذلك مجاراة لزوجته لإنهاء الملاحاة ولم ينو الطلاق فلا يقع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني