الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمور تعين على حب الصلاة والتعلق بها

السؤال

كيف أحب الصلاة؟ أريد أن أحب الصلاة بحيث أنتظرها بفارغ الصبر؛ لأني أصلي وأنا غير سعيد، أي أصلي لأنها فرض فقط.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحب الصلاة، والتعلق بها يحصل بأمور، منها: معرفة عظيم ثواب المصلين، وما أعده الله لهم من الكرامة، وحسبك أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجل قلبه معلق بالمساجد.

ومنها: معرفة شرف الصلاة، ومنزلتها من الدين، وأنها عمود الإسلام، وأنها خير ما تقرب به العبد إلى ربه تبارك وتعالى، كما جاء في الحديث: واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة.

ومعرفة أن الله يكفر بها سيئات العبد، ويمحو بها خطاياه، ويرفع بها درجاته، كما ثبت أن انتظار الصلاة بعد الصلاة من الرباط الذي يكفر الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات، رواه مسلم في صحيحه.

ومنها: معرفة أن الصلاة منحة إلهية، ومنة ربانية، منحها الله لعباده ليناجوه، ويلتذوا بالأنس به سبحانه، فهي كما قال ابن القيم - رحمه الله -: فاعلم أنه لا ريب أن الصلاة قرة عُيون المحبين، ولذة أرواح الموحدين، وبستان العابدين ولذة نفوس الخاشعين، ومحك أحوال الصادقين، وميزان أحوال السالكين، وهي رحمةُ الله المهداة إلى عباده المؤمنين، هداهم إليها، وعرَّفهم بها، وأهداها إليهم على يد رسوله الصادق الأمين، رحمة بهم، وإكرامًا لهم؛ لينالوا بها شرف كرامته، والفوز بقربه، لا لحاجة منه إليهم، بل منَّة منه، وتفضَّلًا عليهم، وتعبَّد بها قلوبهم وجوارحهم جميعًا، وجعل حظ القلب العارف منها أكمل الحظين وأعظمهما؛ وهو إقباله على ربِّه سبحانه، وفرحه وتلذذه بقربه، وتنعمه بحبه، وابتهاجه بالقيام بين يديه، وانصرافه حال القيام له بالعبودية عن الالتفات إلى غير معبوده، وتكميله حقوق عبوديته ظاهرًا وباطنًا حتى تقع على الوجه الذي يرضاه ربه سبحانه. انتهى.

وعن إبراهيم بن عيسى قال: قال بكر بن عبد الله المزني: من مثلك يا ابن آدم؟ خلي بينك وبين المحراب والماء، كلما شئت دخلت على الله عز وجل ليس بينك وبينه ترجمان. ذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة.

فإذا علم المسلم هذا ضن بهذه الهدية العظيمة، والمنحة القدسية الكريمة أن يتلقاها وهو نافر معرض، أو يقوم بها وهو متكاسل.

ومنها: مجاهدة النفس، والمواظبة على الصلاة، والقيام بحقها ظاهرًا وباطنًا، فإن لذة العبادة لا تنال إلا بالمصابرة والمجاهدة، كما جاء عن ثابت البناني - رحمه الله - أنه قال: تعذبت بالصلاة سنة، ثم تنعمت بها عشرين سنة. فقد حمل نفسه على ما تكره، وأدمن طرق الباب، وساق نفسه إلى الله راغمة حتى انقادت له، وسلس قيادها، فصارت تؤدي الحق سماحة، لا كظمًا، وطواعية لا كرهًا.

ومنها: الاجتهاد في الدعاء، فإن الموفق من وفقه ربه، والمخذول من خذله ربه تعالى، فلتجتهد في دعاء ربك أن يشرح صدرك للخير، ويحبب إليك الطاعة؛ فإن الأمر كما قال سبحانه: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ {الحجرات:7}.

ومنها: إحضار القلب في الصلاة، وتدبر الآيات المتلوة، والأذكار التي يرددها العبد، فإن ذلك يفضي إلى إشراق نور القلب، وتنعمه بمناجاة الرب سبحانه وتعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني