الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المال الذي يأخذه مستأجر السكن مقابل إخلائه

السؤال

لدى والدي شقة سكنية مؤجرة منذ ثلاثين عاما تقريباً بأجر زهيد، وحالياً يرفض المستأجر إخلاء الشقة حتى يأخذ 40% من السعر الحقيقي لها حسب القوانين المعمول بها لدينا في سورية، فهل هذه النسبة التي يأخذها المستأجر عنوة عن المالك مقابل خروجه حلال أم حرام؟ وكيف يمكن إقناعه بالخروج وإعادة الحق إلى أصحابه على الرغم من أن القانون معه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز للمستأجر الامتناع من إخلاء العقار وتسليمه لمالكه عند انقضاء مدة الكراء ورفض المؤجر تجديد العقد له، وليس له إلزام المالك بدفع عوض مقابل ذلك ولو كان القانون يثبت له حق المطالبة والتمسك بالعقار، إذ لا عبرة بما يصادم شرع الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما أعتقت بريرة، وكان موالي بريرة قد اشترطوا عليها أن يكون الولاء لهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: اشترطي لهم الولاء، وهذا نص الحديث عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية، فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم، فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق، ففعلت عائشة، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، ودين الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق. متفق عليه.

وقد فصلنا القول في حكم ـ الخلو ـ الذي يطلبه المستأجِر مقابل خروجه من السكن في الفتوى رقم: 235726.

فليبين ذلك للمستأجر ويوعظ بتقوى الله عز وجل والبعد عن الظلم، لأنه ظلمات يوم القيامة، وهو إن أخذ مالا حق له فيه بحكم القانون، فإنما هي قطعة من النار، وحكم القانون بالباطل لا يحل حراما ولا يحرم حلالا، وليحذر الحساب غدا بين يدي الله، فقد قال سبحانه: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ {الأنبياء:47}.

وقال تعالى: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا {الكهف:49}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني