الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لماذا نهى رسول صلى الله عليه وسلم عن الجلوس وسط الحلقة؟

السؤال

لماذا نهى رسول صلى الله عليه وسلم عن الجلوس وسط الحلقة؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إن الحديث الوارد في النهي عن الجلوس وسط الحلقة، ونعني به حديث حُذَيْفَةَ ـ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسْطَ الْحَلْقَةِ. رواه أبو داود، والترمذي.

هذا الحديث مختلف في ثبوته بين أهل العلم, وقد ضعفه الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ في عدة مواطن من كتبه، وأعله بالانقطاع بين أبي مجلز وحذيفة، فإنه لم يسمع منه، كما قال ابن معين، بل قال أحمد: إنه لم يدركه.

وعلى فرض ثبوته، فقد قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: لُعِنَ لِلْأَذَى، وَقَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا قَعَدَ وَسْطَ الْحَلْقَةِ حَالَ بَيْنَ الْوُجُوهِ، فَحَجَبَ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ، فَيَتَضَرَّرُونَ بِمَكَانِهِ وَبِمَقْعَدِهِ هُنَاكَ... اهـ.

وقال الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ مبينًا الحكمة من النهي على فرض ثبوت الحديث: لو كان يصح لكان المقصود منه الجلوس وسط الجلسة لقصد لفت أنظار الناس، كأن يقول بلسان الحال: أنا هنا، أما والحديث لم يصح، فالحمد لله... اهـ.

وبعض العلماء حمل الحديث على صنف من الناس، وليس على كل من جلس في وسط الحلقة، كما قال في تحفة الأحوذي: وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ: الْمُرَادُ بِهِ الْمَاجِنُ الَّذِي يُقِيمُ نَفْسَهُ مَقَامَ السُّخْرِيَةِ، لِيَكُونَ ضُحْكَةً بَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُ مِنَ الْمُتَآكِلِينَ بِالشَّعْوَذَةِ. اهـ.

وقال البيهقي في كتابه الآداب: وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا فِي لَعْنَةِ مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الْحَلْقَةِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَرَفَ مِنْهُ نِفَاقًا، وَأَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ قَصْدًا إِلَى تَرْكِ الْحِشْمَةِ، وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِأَهْلِ الْحَلْقَةِ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني