الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حد المستوطن والمقيم والسفر الذي لا تجب به صلاة الجمعة

السؤال

هل انتقال الشخص من قرية إلى قرية مجاورة، أو من بلدة، أو مدينة إلى أخرى مجاورة، تسقط عنه صفة الاستيطان، بحيث لا تنعقد به الجمعة؟
وما هو ضابط السفر القريب الذي يسقط صلاة الجمعة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء إن المستوطن هو الذي يقيم في البلدة - أو القرية، أو المدينة - بنية اتخاذها وطنا له لا يرحل عنها إلا لحاجة.

جاء في تحفة المحتاج: الْمُتَوَطِّنَ هُوَ الَّذِي لَا يَظْعَنُ شِتَاءً، وَلَا صَيْفًا إلَّا لِحَاجَةٍ .. اهــ.
وجاء في فتح القريب من كتب الشافعية: المستوطِنون، بحيث لا يظعَنون عما استوطنوه شِتاءً، ولا صيفا إلا لحاجة. اهــ.

والمقيمون غير المستوطنين يقصد بهم الذين لا ينوون الإقامة الدائمة, بل ينوون العودة لبلدهم أو غيرها.

قال الماوردي الشافعي في الحاوي في تعريف المقيمين: الْمُقِيمُونَ فِي غَيْرِ أَوْطَانِهِمْ، كَرَجُلٍ دَخَلَ بِالْبَصْرَةِ فَنَوَى أَنْ يُقِيمَ فِيهَا سَنَةً لِطَلَبِ عِلْمٍ، أَوْ تِجَارَةٍ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى وَطَنِهِ. اهــ.

إذا تبين هذا، فمن انتقل من مدينته إلى أخرى بنية الإقامة المؤقتة، ثم العودة إلى تلك المدينة، فهذا لا يسقط عنه صفة الاستيطان فيها, ويعتبر مقيما في المدينة التي انتقل إليها لا تنعقد به الجمعة فيها, وأما إن كان الانتقال بنية الإقامة الدائمة، فإنه يصير مستوطنا في المدينة المنتقل إليها, ويسقط عنه وصف الاستيطان في المدينة المنتقل عنها .
وتسقط عنه صفة الاستيطان في تلك المدينة ولو كانت مجاورة للمدينة التي انتقل إليها واستوطنها, ما دام أنه لا يشمل المدينتين اسم واحد؛ فقد ذكر الفقهاء أنه: إذَا تَقَارَبَتْ قَرْيَتَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دُونَ الْأَرْبَعِينَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَبَلَغُوا أَرْبَعِينَ؛ فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ وَإِنْ سَمِعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِدَاءَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعِينَ غَيْرُ مُتَوَطِّنِينَ فِي مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ. كما في حاشية الرملي على أسنى المطالب.
وفي كشاف القناع من كتب الحنابلة: وَلَا يُتَمَّمُ عَدَدٌ مِنْ مَكَانَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ كَقَرْيَتَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عِشْرُونَ، فَلَا تُتَمَّمُ الْجُمُعَةُ مِنْهُمَا وَلَوْ قَرُبَ مَا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُهُمَا اسْمٌ وَاحِدٌ أَشْبَهَتَا الْمُتَبَاعِدَيْنِ. اهــ.

وانظر الفتوى رقم: 245278 .

وأما ما هو ضابط السفر .... إلخ , فالسفر الذي لا تجب به الجمعة هو السفر الذي يقطع صاحبه المسافة المعتبرة شرعا للسفر وهي أربعة برد، وتساوي بالكيلو متر ثلاثة وثمانون كيلو متراً تقريباً, فمن سافر هذه المسافة في غير معصية جاز له أن يأخذ برخص السفر، ومنها سقوط الجمعة وقد جاء في الحديث: الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: مَمْلُوكٌ, وَاِمْرَأَةٌ, وَصَبِيٌّ, وَمَرِيضٌ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وصححه النووي والحاكم والذهبي والألباني.
ولكن لا تلازم بين سقوط الجمعة، وبين عدم الاستيطان, فالجمعة تجب على المقيمين وهم غير مستوطنين إلا أنها لا تنعقد بهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني