الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقسمت أن أغسل الأواني كلها فرفضت أمي فغسلت جزءًا منها، فهل برئت ذمتي؟

السؤال

كنت قد أقسمت على أمي أني سأغسل الأواني، وكانت نيتي أن أغسلها كلها، ولكنها رفضت بشدة، وأقسمت عليّ ألا أغسلها، فقلت لها: سأغسل شيئًا يسيرًا منها حتى لا أحنث في يميني الذي أقسمته قبلك، فهل بهذا برئت ذمتي أم تجب عليّ كفارة يمين؛ لأنني لم أغسل الأواني جميعًا، وغسلت شيئًا يسيرًا منها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم: هل يحصل البر للحالف بفعل بعض ما حلف عليه أم لا يبر إلا بفعله كله؟ ولكن محل الخلاف إنما هو حيث لم تكن للحالف نية، أو قرينة تدل على إرادة الكلّ، أو البعض.

أما إذا كانت للحالف نية، أو اقترن باليمين ما يعين إرادة الكل أو البعض، فنيته، أو القرينة هما المعول عليهما.

قال ابن قدامة في المغني: وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ، فَأَمَّا إنْ نَوَى الْجَمِيعَ، أَوْ الْبَعْضَ، فَيَمِينُهُ عَلَى مَا نَوَى، وَكَذَلِكَ إنْ اقْتَرَنَتْ بِهِ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ، تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِهِ. اهـ.

ولذلك فما دامت نيتك غسل الأواني كلها، فإنه لا يكفي في إبرار يمينك غسل بعض الأواني، وإذا كان الوقت المقصود وقوع ذلك فيه قد فات، فإنك تكونين قد حنثت في يمنك، ولزمتك كفارة يمين، ولا يعفيك من الحنث والكفارة قسم أمك على تركها، أو وجوب برها وطاعتها، فما دام الحنث قد حصل منك، فقد لزمتك الكفارة على كل حال.

قال ابن قدامة في المغني: وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ، فَحِنْثَ، لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، سَوَاءٌ كَانَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ وَاجِبَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ. اهـ.

والكفارة هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تجدي شيئًا من ذلك فبصيام ثلاثة أيام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني