الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخذت من صديقي صندوقا فيه قطع معدنية وأعطيته مبلغًا تقديريًا فما الحكم؟

السؤال

كان صديقي يجمع القطع النقدية الصغيرة في علبة (من فئة 50 فلسًا، و20 فلسًا، و10 فلسات ..) وقبل سفره أعطاني العلبة دون أن نقوم بعَدِّ ما فيها من نقود، ولكن قمنا بتقدير ذلك، وأعطيته مبلغًا تقديريًا من المال مقابلها، فهل هذا العمل منهي عنه شرعًا من مبادلة المال بالمال غير الجائزة، أم إنه جائز؟ وإن كان غير جائز فماذا نفعل الآن؟ لأني نسيت كم كنت قد أعطيته، ولكن نقوده في علبتها لا زالت معي كما هي - جزاكم الله تعالى خيرًا -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كنت أعطيت صاحبك نقودًا من جنس عملة قطعه المعدنية، فلا يجوز ذلك، والبيع فاسد؛ لأنه يشترط في بيع عملة بجنسها سواء كانت أوراقًا، أم قطعًا معدنية، أمران:
الأول: التقابض في المجلس.

الثاني: التساوي، وهو عدم التفاضل.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد. رواه مسلم.

والنقود الورقية والمعدنية تقوم مقام الذهب والفضة في زماننا هذا؛ لأن الناس تعارفوا عليها، وأصبحت ثمنًا للمبيعات.

وقد جاء في قرار هيئة كبار العلماء ما نصه: إن الورق النقدي يعتبر نقدًا قائماً بذاته، كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان، وأنه أجناس تتعدد بتعدد جهات الإصدار، بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته. اهـ.

ومعنى التماثل أنه إذا أعطاك مائة معدنية، تعطيه مائة معدنية، أو ورقية، لكن لا تعطه مائة، ويعطيك مائة وزيادة، ولو كانت نقوده قطعًا معدنية، ونقودك ورقية، لكنهما من نفس العملة؛ إذ لا يجوز بيع العملة الورقية بأقل من قيمتها من العملة المعدنية، أو غيرها؛ لأنها جنس واحد.

وبما أن المبلغ الذي أعطاك غير معلوم، فلا يصح ذلك البيع، بل لا بد من معلوميته، وأن يكون العوض المدفوع مقابله مساويًا له، لا أكثر منه ولا أقل إن كانت العملة واحدة.

وأما لو كانت العملة مختلفة، فيجوز التفاضل، ويشترط التقابض فقط.

وبناء على ما ذكر من فساد البيع، فادفع لصاحبك قطعه المعدنية، وليرد إليك ما دفعت إليه.

وإن شئتما التبايع فاحصيا القطع المعدنية، واعرفا مقدارها، وأعطه مثلها من النقود الورقية ما دامت العملة واحدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني