الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يقع الطلاق بالألفاظ غير الصريحة بدون نية

السؤال

كنت أقرأ في كتاب فقهي، ووجدت باب تخيير الزوجة. وذكرت ذلك لزوجتي فقالت: إن هذا حدث كثيرا بيننا. فمثلا أسألها "تريدين طلاقا أم انفصالا؟ ولو انفصال تريدين كل واحد في بيت أم كل واحد في حجرة" أو أقول لها "اختاري الطلاق أو الانفصال أو نكمل مع بعض عادي ". فكانت تختار الطلاق، لكني لا أوافق على اختياراها وطلبها ولا أوقعه. أو مثلا أتصل بها وأقول لها: ماذا تريدين وأنا تحت أمرك فيه حتى أنفذه لك" أو أقول لها بدلا عن "ماذا تريدين" " اختاري"ويكون قصدي في نفسي دون تلفظ" طلاق أم انفصال أم نكمل مع بعض" وأحيانا أتلفظ بالاختيارات. وكلامي وقتها كان من باب أني سأفعل ما يرضيها إن أرادت طلاقا فسأطلقها، وإن أرادت انفصالا فسأفعل، ولم يخطر ببالي أني نقلت إليها حق فك العصمة، ولم يخطر على بالها ذلك. بل هي عندما تطلب الطلاق تنتظر أن أوقعه كما اختارت، فلا أوقعه وأقول في نفسي حافظ على البيت. فما هو التخيير الذي يقصده الفقهاء بالضبط. وهل قولي ماذا تريدين مثل اختاري أو قرري؟ وهل ما حدث بيننا يدخل في هذه الصور. فزوجتي سألتها أكثر من مرة عندما كنت تختارين الطلاق ماذا كان قصدك. فقالت كان قصدي أني أريد الطلاق، وأنتظر منك أن تقول لي "أنت طالق" وأنها لم تفهم مني أني أعطيها حق إيقاع الطلاق. الإشكال عندي أني أريد أن أفهم هل الفقهاء الذين تحدثوا عن التخيير يعتبرون أن التخيير واختيار الزوجة الطلاق بعده فورا يقع طلاقا، مع خلافهم في صفة هذا الطلاق دون الرجوع إلى النية. مثل أن يقول رجل لآخر بعتك هذا القميص بمائة جنيه. فلفظ البيع وضع أساسا لنقل ملكية من طرف لآخر، حتى لو ادعى الطرف الذي قال بعتك أنه لم يرد بهذا اللفظ البيع؟ فهل أيضا لفظ التخيير وضع من أجل نقل العصمة من الزوج إلى الزوجة دون أن يفتقر إلى نية لنقل العصمة؟ فلا يلتفت إلى قول المستفتي أنه لم يرد به نقل العصمة؟ ولا إلى قول زوجتي إنها تنتظر إيقاعي إياه بقولي" أنت طالق"؟ جزاكم الله خيرا، ولا وضعكم الله في حيرة قط. أفيدوني وانصحوني وأشيروا علي. ماذا أفعل خاصة أننا بيننا طلقتان على مذهب الجمهور. والله أعلم.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه الألفاظ التي ذكرتها ونحوها ليست من الألفاظ الصريحة في الطلاق، بحيث يقع بها دون نية، وإنما هي كنايات تفتقر إلى النية، فإذا لم ينو الزوج إيقاع الطلاق بها لم يقع، وهذا مذهب الجمهور، قال ابن قدامة –رحمه الله- : " وقوله: أمرك بيدك، وقوله: اختاري نفسك. كناية في حق الزوج يفتقر إلى نية، أو دلالة حال كما في سائر الكنايات. فإن عدما لم يقع به الطلاق لأنه ليس بصريح، وإنما هو كناية فيفتقر إلى ما يفتقر إليه سائر الكنايات. وبهذا قال أبو حنيفة، والشافعي" المغني - (8 / 290)
وعليه، فلم يقع طلاق زوجتك بتلك الألفاظ ما دمت لم تنو إيقاعه بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني