الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا بأس في قيام المجبوب والخصي بالدعوة إلى الله

السؤال

هل الشخص الذي أصبح مخصيا أو مجبوبا، أو ممسوحا نتيجة إصابة، يمكن أن يدعو إلى الله في القنوات الفضائية، أو في حياته أم إن ذلك سيكون صعبا عليه؛ لأنه سوف ينال الأذى، والضرر من الناس، وسوف يستهزئون به، وليس أمامه من حل إلا الانتحار؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالمجبوب – سواء بسبب إصابة أو غيرها - شأنه شأن سائر المسلمين، يمكنه أن يدعو إلى الله تعالى، ويعمل، وينتج، ويكون شخصا فاعلا للخير في مجتمعه، وتنتفع به أمته، ويرفعه الله تعالى بذلك درجات, وهو كسائر الرجال، وقد ذكر الفقهاء في كتبهم أنه رجل من الرجال.

كما قال الكاساني في بدائع الصنائع: ... وَأَمَّا الْخِصَاءُ فإن الْخَصِيَّ رَجُلٌ إلَّا أَنَّهُ مُثِّلَ بِهِ. اهــ.
وأما الانتحار الذي ذكرته، فإنه أقصر الطرق إلى جهنم -والعياذ بالله- والأذى والعذاب الذي سيناله بسبب انتحاره أعظم، وأفظع مما يناله من سخرية الجاهلين.

ومن أصيب بإصابة ترتب عليها خصاؤه، فليصبر، وليعلم أن ما أصابه خير له؛ كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شأن المؤمن: عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ. رواه مسلم.

وفي كتاب الله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {البقرة:155}. إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {البقرة:153}. وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ {آل عمران:146}.

وفي الحديث الذي أخرجه التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه، وحسنه الألباني: إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ.

فانتبه أخي السائل ولا تفتح على نفسك باب الجزع، فتفوت عليها ثواب الصبر، ومحبة الله ورضاه, فلعل الله ابتلاك لمحبته لك، أو ليطهرك، أو يرفعك درجات، فأحسن الظن بالله، واصبر على قضائه، ولا تلتفت لاستهزاء الجاهلين، وسخرية الساخرين؛ فإن هؤلاء لم يسلم منهم الأنبياء، والرسل، وصفوة الخلق.

وفقنا الله وإياك لكل خير .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني