الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم انتقاد الأب إذا ترك النفقة العرفية على أولاده الزائدة عن الواجب

السؤال

أعزائي الشيوخ، من المعلوم أن النفقة على الزوجة، والأبناء من واجبات الرجل. فهل إذا طلب أبناؤه منه مصروفا شهريا، ورفض الأب ذلك وشعر الأبناء بالضيق والحزن.
فهل يأثمون بهذا الشعور؟ وهل إذا انتقدت هذا الرجل على تصرفه، وقلت عنه إنه لا يفكر في أبنائه، وهو شحيح عليهم، أكون ساخطا على الشرع؛ لأن الله تعالى أمر الوالد بالنفقة على المسكن، والملبس، والمأكل فقط؟
وهل انتقادي له يمضي بي إلى الكفر لاعتراضي على أمر الله؛ حيث إنه من العادة في بلدنا أن ينفق الوالد على أبنائه، ويعطيهم مصروفا شهريا، وينفق على دراستهم الجامعية، ومن لا يفعل ذلك ينتقد في مجتمعنا.
أفيدوني.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمجرد شعور الأولاد بالضيق والحزن على منعهم من المصروف الشهري الزائد على كفايتهم، لا إثم فيه، ما لم يقترن بمحرم آخر كعقوق الأب، أو التسخط على شرع الله.

فقد قال ابن تيمية في التحفة العراقية وهو يتكلم عن الحزن: نعم، لَا يَأْثَم صَاحبه إِذا لم يقْتَرن بحزنه محرم، كَمَا يحزن على المصائب، كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله لَا يُؤَاخذ على دمع الْعين، وَلَا حزن الْقلب، وَلَكِن يُؤَاخذ على هَذَا، وَيرْحَم، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى لِسَانه. اهـ.

وانتقاد السلوك الشخصي لمن ترك النفقة العرفية للأولاد الزائدة عن القدر الواجب شرعا، قد يكون غيبة، ولكنه لا يستلزم بالضرورة تسخطا على الشرع، ولا اعتراضا على أمر الله، فضلا عن أن يكون كفرا. اللهم إلا أن يكون الدافع لذلك الانتقاد تسخط القلب واعتراضه على أمر الشرع؛ لأن هذا التسخط يدخل في النوع السابع من أنواع الكفر الأكبر وهو (كفر البغض والكراهية لشيء من دين الله) كما في كتاب (نواقض كلمة التوحيد) للدكتور المعتق.

وفي الناقض الخامس من (نواقض الإسلام)؛ يقول العلامة ابن باز -رحمه الله-: الناقض الخامس: من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به، فقد كفر؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 9]. اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني