الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل متعلقة بخروج المرأة من بيتها

السؤال

أنا أبحث في موضوع خروج المرأة من بيتها، ولم أتوصل لشيء محدد بين الآراء المختلفة، ولكن هناك أسئلة أرجو إفادتي فيها وهي:
1- كان عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- يؤكد على حجب أمهات المؤمنين، ويتصرف معهن بشكل استثنائي ليس كباقي النساء اللاتي كن يخرجن ولا يكلمهن، وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه بلزوم الحصر بعد ذلك، فهل هذا ليس دليلًا على أن القرار في البيت يخص أمهات المؤمنين؟
2- استأذنت امرأة أثناء عدتها، رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي تجد زرعها، وقد أذن لها وهي في العدة، أليس هذا دليلًا على خروج المرأة لحاجة، ولو لم تكن ضرورة؟
3- استدل أحد المشايخ بخروج أسماء بنت أبي بكر عندما كانت تعاون زوجها في مكة، فهل هذا يصح أن يستدل به، وهو كان قبل نزول الحجاب؟
4- إذا كانت المعتدة من وفاة تخرج للحاجة، أو الضرورة، فهل بذلك يكون لا فرق بينها وبين غير المعتدة -جزاكم الله خيرًا-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يصح القول بأن القرار في البيت خاص بأمهات المؤمنين، فإن ما ورد خطابًا لهن، كان خطابًا لنساء الأمة، وإنما خوطبن به لكونهن محل القدوة، وهذا الذي فهمه أهل العلم من قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب:33}.

قال ابن كثير عند تفسيره هذه الآية: هذه آداب أمر الله بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ونساء الأمة تبع لهن في ذلك. اهـ.

والآية تدل على أفضلية قرار المرأة في بيتها، ولا يعني هذا أنها لا يجوز لها الخروج بتاتًا، بل لها أن تخرج لحاجتها بشرط الستر، والحشمة، والأدب. ثبت في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنسائه: إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن. متفق عليه.

قال العيني في شرحه على صحيح البخاري: ولا خلاف أن غيرهن يجوز لهن أن يخرجن لما يحتجن إليه من أمورهن الْجَائِزَة، بِشَرْط أَن يكن بذة الْهَيْئَة، خشنة الملبس، تفلة الرّيح، مستورة الْأَعْضَاء، غير متبرجات بزينة، وَلَا رَافِعَة صَوتهَا. اهـ.

وعمر - رضي الله عنه- كان يحب أن تبقى نساء النبي صلى الله عليه وسلم في البيت، فلا يخرجن حتى لا يطلع عليهن أحد، ولكنهن أمرن بالحجاب، وأذن لهن في الخروج.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: فإن عمر قامت عنده أنفة من أن يطلع أحد على حرم النبي صلى الله عليه و سلم، فسأله أن يحجبهن، فلما نزل الحجاب كان قصده أن لا يخرجن أصلا، فكان في ذلك مشقة، فأذن لهن أن يخرجن لحاجتهن التي لا بد منها... اهـ. هذا أولًا.

ثانيًا: خروج المرأة لحاجتها قد بينا أدلة جوازه، وهذا الحديث الذي ذكرته متعلق بالمرأة في عدتها، وهو يدل على أن غيرها أولى بجواز خروجها، للاعتبارات الخاصة المتعلقة بالمعتدة، والتشديد في عدم خروجها من بيتها بسبب العدة، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 11576.

ثالثًا: خروج المرأة لا علاقة له بآية الحجاب، فلا يختلف الحكم فيه قبل نزولها، أو بعد نزولها إلا من جهة أنه بعد نزول آية الحجاب وجب عليها لزوم الستر، بما في ذلك تغطية الوجه، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 217318.

رابعًا: هنالك فرق بين المعتدة وغيرها في أمر الخروج، ومما يدل على الفرق مثلًا أن المعتدة لا يجوز لها المبيت خارج بيتها بخلاف غير المعتدة، فإنها يجوز لها المبيت خارج بيتها.

ومن العلماء من منع خروج المعتدة في الليل لغير ضرورة، ويمكنك مطالعة الفتوى رقم: 35131.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني