الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رجل حنبلي يعمل في منطقة نائية، ولا يجتمع للجمعة إلا عشرة، فهل يسعه تقليد الأحناف؟

السؤال

أنا حنبلي المذهب، وأعمل في منطقة نائية، وحين تأتي الجمعة لا يجتمع في المسجد سوى 10 رجال فقط، فهل نصليها جمعة أم ظهرًا؛ لأن الحنابلة يشترطون 40 رجلًا في الجمعة، والحنفية يشترطون 3 أو أكثر؟ وهل يجوز لي أن أتبع الحنفية في هذه المسألة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالمنطقة النائية لا تصح فيها الجمعة عند الحنفية الذين تريد العمل بمذهبهم، وهم وإن كانوا لا يشترطون أربعين رجلًا، فإنه لا تجب الجمعة عندهم على غير أهل الأمصار، ولا تصح في غير المصر، وَالْمَقْصُودُ بِالْمِصْرِ عندهم كُل بَلْدَةٍ نُصِبَ فِيهَا قَاضٍ تُرْفَعُ إِلَيْهِ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتُ، جاء في البحر الرائق: وَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى، وَإِنْ كَانُوا قَرِيبًا مِنْ الْمِصْرِ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ. اهـ.

وفي كتاب الأصل للشيباني: أَرَأَيْت قومًا من أهل السوَاد اجْتَمعُوا فِي مَسْجِدهمْ فَخَطب لَهُم بَعضهم، ثمَّ صلى بهم الْجُمُعَة، قَالَ: لَا تجزيهم صلَاتهم، وَعَلَيْهِم أَن يُعِيدُوا الظّهْر. اهـ.

فإذا لم تكن تلك المنطقة النائية مصرًا لم تصح منكم الجمعة حتى على قول الحنفية الذين ترغب في العمل بمذهبهم، والحنابلة، والشافعية يشترط لصحة الجمعة عندهم حضور أربعين، والمالكية يشترطون اثني عشر رجلًا، والعدد الذي ذكرته أقل من ذلك، فلا تصح منكم الجمعة في المذاهب الأربعة، وذهب آخرون إلى أنه لا يشترط لصحة الجمعة وجود عدد معين، وإنما المشترط حصول ما يسمى جماعة عرفًا؛ لعدم تعيين الشرع عددًا معينًا، وهذا المرجح عندنا، ولكن الاستيطان شرط في الجمعة في قول أكثر أهل العلم، وشذ من قال بعدم اشتراطه، جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء ـ المالكيّة، والشّافعيّة، والحنابلة ـ إلى أنّ من شروط صحّة صلاة الجمعة الاستيطان، فلا تصحّ الجمعة بالمسافر، ولا تنعقد به، أي: لا يكمل به نصابها. اهـ.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: الاستيطان شرط في صحة إقامة صلاة الجمعة عند عامة أهل العلم، وليس في ذلك إلا خلاف شاذ، لا يعول عليه، فعليكم أن تعيدوها ظهرًا، وأن تبلغوا الجماعة الذين صليتم بهم أن يعيدوها ظهرًا مع التوبة والاستغفار من الإقدام على عمل ليس لديكم فيه علم يعتمد عليه. اهـ.

وعليه، فإذا لم يكن العشرة المشار إليهم مستوطنين، فإن ذلك مانع آخر من وجوب الجمعة عليكم، ومن صحتها منكم، وفي خصوص الانتقال من مذهب فقهي إلى آخر فانظر فيه فتوانا رقم: 152163، عن المقلد هل يشرع له الانتقال من مذهب فقهي إلى آخر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني