الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس لك على من أقرضته إلا قدر الدين

السؤال

شاركت إخوتي في استراحة منذ فترة من الزمن وكان سهم الواحد فينا: 30 ألف ريال، وكان 3 من إخوتي ليس لديهم المبلغ، فقررت إعطاءهم سلفة رغبة في جمع الأسرة لنتلاقى بشكل أسبوعي في مكان واحد، فمضت السنوات ولم تنفرج الحال على إخوتي الذين أسلفتهم المبلغ فجلست بعد 4 سنوات للمطالبة بديني، ولكن لم تكن لديهم القدرة على تسديد الدين أو التنازل عن الأرض، لأن سعر الأرض قد ارتفع إلى أكثر من 100 ألف ريال، وقلت لأحدهم كل واحد 30 ألف ريال، والذي حضر اجتماعي مع إخوة لي أيضا واتفقنا على أن أمهله سنتين أو ثلاثا لدفع ما عليهم من دين أو جزء منه، وإلا فسآخذ الأرض كاملة لي، فهل اشتراطي صحيح عليهم بتسديد الدين خلال سنتين أو أخذ الأرض كاملة دون تعويضهم عن فرق السعر حيث الدين كان 30 ألف ريال والسعر الفعلي الآن 120ألف ريال، مع أن الذي حضر الشرط واحد من ثلاثة؟ وما هو الوضع بالنسبة لأخوي اللذين لم يكونا في الاجتماع وبالتالي لم يوافقا بشكل صريح؟ وفي حالة بيع الأرض بالسعر الجديد، فهل يخصم سعر الدين الذي لم يسدده إخوتي لي لشراء الأرض وقدره 30 ألف ريال من مبلغ البيع، بحيث أرد لهم المبلغ المتبقي من سعر البيع الحالي والذي يقدر ب 90 ألف ريال بعد خصم الدين الأساسي؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت فيما قصدت من شراء مكان تجتمع فيه مع إخوتك، لكن لا تهدم ما بنيته وقدر ظروف إخوانك إن كانوا معسرين، فالله يقول: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280}.

وما ذكرته من إمهال الإخوة مدة سنتين وإلا فستبيع الأرض أو تأخذها لنفسك مقابل دينك، فليس لك ذلك إلا أن يأذنوا لك في بيع حصصهم فيها وأخذ دينك من ثمنها، أو يرضوا بدفع حصصهم مقابل الدين، وأما إلزامهم بذلك: فليس لك وحتى لو رهنوا حصصهم مقابل الدين، فليس لك بيع الحصص من تلقاء نفسك ما لم يأذن لك الراهن في ذلك، جاء في المغني: إذا حل الحق لزم الراهن الإيفاء، فإن لم يوف وكان قد أذن للمرتهن أو للعدل في بيع الرهن باعه، وإن لم يكن أذن لهما في بيعه طولب بالوفاء، وبيع الرهن، فإن فعل وإلا فعل الحاكم ما يرى. انتهى.

وعليه، فإذا حل الأجل، ولم يسدد المدين الدين جاز بيع الشيء المرتهن، ورد ما زاد على أصل القرض من ثمنه واسترداد ما نقص عن أصل القرض، ولكن يجب أن يتولى البيع القاضي الشرعي أو نائبه، ويكون ذلك بعد إعطاء رب الرهن مهلة كافية لتدبير أمره، والمهلة هذه يحددها القاضي، إلا أن يأذن الراهن للمرتهن في بيع الرهن، كما بينا.

والحاصل أن الأرض إذا بيعت، فليس لك على إخوانك إلا قدر الدين، وأما الزيادة فتدخل على الجميع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني