الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم النذر ومعاهدة الله لردع النفس عن المعصية

السؤال

كنت أمارس العادة السرية-والعياذ ‏بالله-‏وفي كل مرة أعزم، وأجاهد نفسي، وأعاهد ‏نفسي، وأعاهد ربي على عدم ‏العودة إلى هذا الذنب، وأبكي وأتوب، ‏ولكن أعود. ‏
وفي مرة من المرات كي أردع نفسي، بعدما اغتسلت، وتبت إلى ربي، ‏وعاهدت نفسي ‏على عدم العودة إلى ‏ذلك الذنب. نذرت على نفسي إن ‏عدت إلى هذا الذنب، فسأختم ‏القرآن ‏كل شهر عشر مرات، لمدة سنة. ‏
علما بأني وأنا أتلفظ بالنذر كنت ‏مترددة جدا، وسكت قليلا في الوسط؛ ‏لأني كنت أعلم ‏أنه سيصبح صعبا ‏جدا، وأنا لا أضمن نفسي الأمارة ‏بالسوء، لكني أكملت النذر، وقلت ‏في ‏نفسي سأكمله ليكون ذلك بمثابة رادع ‏لي، حتى لا أعود للذنب مرة أخرى. ‏
وبعد مدة طويلة عدت إلى ذاك الذنب، ‏وقد نسيت ما نذرته، ولم أتذكره إلا ‏بعد وقوعي ‏في الذنب. ‏
وما نزل مني وقتها كان سائلا لزجا ‏بسيطا، ليس بكثير، أو متدفق. ‏
فهل يجب علي الوفاء بهذا النذر أم ‏يعتبر نذر لجاج وغضب؟
وإذا كان يجب علي الوفاء به. كيف أفي به؟ ‏
وهل إذا تعبت يوما، أو شق علي أن ‏أقرأ كل هذا الكم، فأنهيت في الشهر ‏مثلا 8 ‏ختمات، وليس عشرا. ‏
‏ فهل أعيد النذر من بدايته أم ماذا ‏أفعل؟ ‏
وهل يمكن لي أن أقسمه على شهور ‏متفرقة، بمعنى أن أقرأ شهرا وشهر ‏لا أقرأ، أو ‏أقرأ في شهرين، وشهرين لا وهكذا. ‏
يعني أختار شهورا من السنة أقرأ ‏فيها، ومن السنة التالية كذلك حتى ‏أنهي 12 شهرا؟
أخبروني كيف أفي به؟
وما حكم هذا السائل هل يوجب ‏الغسل؟
وما حكم معاهدتي لربي ونقض ‏عهدي؟
وماذا يجب علي أن أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يغفر ذنبك، ويطهر قلبك، ويحصن فرجك.
ونفيدك بأنه حيث كان قصدك من النذر ردع نفسك، فإنه يكون نذر لجاج وغضب، وحكمه التخيير بين الوفاء به، وإخراج الكفار، فلا يتعين عليك الوفاء به. وانظري الفتويين: 38872، 13998وما أحيل عليه فيهما.

وحيث إنك كنت ناسية للنذر، فقد سبق في الفتوى رقم: 35495 مذاهب العلماء فيمن حنث في نذره ناسيا. والأحوط إخراج الكفارة خروجا من الخلاف.

وكفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة على التخيير بين الثلاثة، فمن لم يجد، فصيام ثلاثة أيام؛ قال تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. [المائدة:89]. وانظري أيضا الفتوى رقم: 132334
هذا فيما يتعلق بالنذر.

وأما بخصوص معاهدتك لربك، فإن كانت المعاهدة بالقلب فقط، فلا يلزمك شيء غير التوبة من ذلك الذنب. أما إن تلفظت بالمعاهدة، فقد سبق في الفتوى رقم: 110306 مذاهب العلماء فيمن قال أعاهد الله على كذا، فحنث، وذكرنا أن منهم من لم يرها يمينا أصلا، ومنهم من رأى أنها تكون يمينا بالنية، ومنهم من رآها يمينا على كل حال، ومنهم من رأى أنها تارة تكون يمينا فقط، وهذا إن التزم بها ما ليس بقربة، وتارة تكون يمينا ونذرا، وهذا إن التزم بها قربة وطاعة، كما في سؤالك. وعموما فالأحوط إخراج الكفارة، مع وجوب التوبة على كل حال. وانظري الفتوى رقم: 108718

وقد سبق الكلام على صفات مني المرأة في الفتويين: 51191، 58570، كما قد تكلمنا على الفرق بين المني، والمذي في الفتاوى أرقام: 4036، 42906، 30062 وما أحيل عليه فيها. فإن انطبقت صفات المني على السائل المذكور، فإنه يكون منيا يوجب الغسل، وإلا فلا.
وإذا استمر شكك في الخارج هل هو مني أو غيره، فعند كثير من العلماء لا يجب عليك الغسل، بل أنت مخيرة عندهم في أن تعطي هذا الخارج حكم أحد الأشياء المشكوك فيها؛ وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 118810 وما أحيل عليه فيها.
ونوصيك بالاستمرار في مجاهدة نفسك على ترك تلك العادة السيئة. وقد ذكرنا بعض الوسائل المعينة على ذلك في الفتاوى أرقام: 76495، 7170، 164945، 225073، 110232، 65187، 194891وإحالاتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني