الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التحاكم إلى الأعراف، والتقاليد في ما حكم فيه الشرع، أمر من أمور الجاهلية

السؤال

‏ صدمني شخص بسيارته، ‏منذ شهر ونصف ‏تقريبًا، والخطأ ثابت عليه ‏تمامًا؛ حيث إنه كان مسرعًا، ‏وانحرف عن طريقه، إلى ‏الاتجاه المعاكس الذي كنت ‏أقود فيه، وصدم سيارة بيني وبينه -على ‏يسار سيارتي- وأزاحها من ‏الطريق، ثم صدمني صدمة ‏قوية، أدت إلى الإضرار ‏بسيارتي ضررًا بليغًا، ‏وأصابتني برضوض عامة، ‏وبكسر في رجلي، وكسر ‏في ضلع، وشعب في أربعة ‏ضلوع، وأصبت أيضًا ‏بجرح قطعي في الركبة، بان ‏منه عظم الركبة، والشخص الذي صدمني ‏توفي في المستشفى بعد نقله ‏بساعات، وطلبت الفتوى، وتمت إفادتي ‏بأنه لا شيء عليّ، وأن لي ‏دية الضرر، وتعويضًا عن ‏سيارتي، وتمت إفادتي بأن الدية على ‏عاقلته، وأن الضرر الذي ‏أصاب سيارتي، وفاتورة ‏علاجي هي دين يؤخذ من ‏تركة الميت، وما فاجأني أن قبيلة زوجي ‏رفضت رأي الشرع، ‏وأفادوا بأن هناك قاعدة ‏عرفية تقول بأن "الدم ‏يغطي على العيب" وأن ‏موت الرجل الذي صدمني، ‏حجب عني أي تعويض ‏حتى ولو كان هو مخطئًا، ‏بل إن العرف يقضي بأن ‏أدفع له دية، ولو لم يكن عليّ ‏شيء شرعًا، وآمل أن تفيدونا بخصوص ‏هذه الجاهلية المقيتة.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالحكم الشرعي في مثل هذا الحادث، قد سبق في الفتوى رقم: 249979.

وأما التحاكم إلى الأعراف، والتقاليد في ما حكم فيه الشرع، فأمر من أمور الجاهلية، والرضا به، وتقديمه على حكم الله تعالى، نقض لعروة الدين، وهدم لأحد أركانه؛ قال تعالى: وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُالْفَائِزُونَ (52) [النور].

وقال سبحانه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا [النساء:60]. وقال عز وجل: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء: 65].

وراجعي في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 165591، 175087، 30195، 68067، 122548.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني