الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ثواب من كرر آية عدة مرات كثواب من قرأ عدة آيات؟

السؤال

قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم: من قام بعشر آيات، لم يكتب ‏من الغافلين، ومن قام بمائة آية ‏كتب من القانتين، ومن قام بألف آية ‏كتب من المقنطرين.‏
هل يجوز التكرار في الآيات؟ ‏
مثلا أنا أخصص ساعة يوميا بنية ‏حفظ القرآن الكريم، فأقوم بحفظ ‏صفحة من القرآن، وكذلك أنوي أجر ‏الحديث.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإن كنت تسأل هل تكرير الآيات عند الحفظ، يحصل به الثواب المذكور في الحديث: ( لم يكتب من الغافلين ...) إلى آخر الحديث. فهذا ينبني أولا على كون الحديث واردا في الصلاة، أم هو عام ولو في غير الصلاة، وللعلماء قولان في ذلك: فمنهم من حمله على القيام بتلك الآيات في الصلاة، ومنهم من لم يقيده بالصلاة.

وقد حكى القولين المباركفوري في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح فقال: وحاصله أن الحديث مطلق غير مقيد لا بصلاة، ولا بليل، فينبغي أن يحمل على أدنى مراتبه، ويدل عليه قوله: لم يكتب من الغافلين. وإنما ذكره البغوي في محل الأكمل. وقال ابن حجر: أي يقرؤها في ركعتين أو أكثر، وظاهر السياق أن المراد غير الفاتحة- انتهى. قلت: تفسير قام يصلي، أي بالقراءة في الصلاة بالليل في هذا المقام، هو الظاهر بل هو المتعين؛ لما روى ابن خزيمة في صحيحه، والحاكم، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: من صلى في ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين، ومن صلى في ليلة بمائتي آية فإنه يكتب من القانتين المخلصين. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي .. اهــ.

وعليه، فإذا كان الحديث مقيدا في الصلاة، لم يحصل الثواب المذكور بتكرير الآيات عند الحفظ؛ لأنه خارجها. وإذا كان عاما غير خاص بالصلاة، فإننا لم نجد من نص على مسألة التكرير هل يحصل بها الثواب أم لا - سواء في الصلاة أو خارجها - ولا يبعد أن يناله، والله تعالى شكور، واسع العطاء، لا سيما وأن التكرير في الصلاة جاءت به السنة، كما في الحديث الذي رواه أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث أبي ذر - رضي الله عنه- قال: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ بِآيَةٍ، وَالْآيَةُ: { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }. اهــ.
وروى النسائي في السنن الكبرى، والطبراني في الكبير، والإمام أحمد في الزهد عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ رضي الله عنه، رَدَّدَ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى أَصْبَحَ، {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} [الجاثية: 21] الْآيَةَ.
جاء في الموسوعة الفقهية: لا بأس بتكرير الآية وترديدها، روى النّسائيّ وغيره عن أبي ذرّ : أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قام بآية يردّدها حتّى أصبح: «إنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإنَّهمْ عِبَادُكَ» اهــ.

والقيام بالقرآن في صلاة الليل من الوسائل المفيدة في تثبيت حفظه، فاستمر أخي على ما أنت عليه، وأنت على خير إن شاء الله. وانظر للأهمية الفتوى رقم: 245185 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني