الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سر كثرة الحديث في الوحيين والمواعظ عن عقوق الآباء دون الأبناء.

السؤال

هل يجوز الدفاع عن الأم إذا كان الأب ظالما؟ ولماذا دائما نسمع المحاضرات تدور حول حقوق الآباء بينما حقوق الأبناء والتي هي الأساس مهمشة ونادره الذكر؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن حق المسلم على المسلم منعه من الظلم، وبالتالي فيشرع الدفاع عن الأم المظلومة، ودفع الأب عن ظلمها، وقد بينا ذلك بالفتوى رقم: 77896. وانظر للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 74958 ، 109147، 104175.

ولا شك أن للأبناء حقوقاً على آبائهم، وانظر الفتوى رقم: 190121.

وربما كثر في الوحيين الكلام على تحريم عقوق الأبناء للآباء، دون تحريم عقوق الآباء للأبناء، لأن بر الوالد لابنه فطرة يفعله المؤمن، والكافر، والفاسق، فاعتنى الشرع بذكر ما هو على خلاف ما تشتهيه النفس، قال ابن مفلح في المبدع: قَالَ الْفَخْرُ إِسْمَاعِيلُ، وَأَبُو الْبَقَاءِ: الْعِبَادَةُ مَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا مِنْ غَيْرِ اطِّرَادٍ عُرْفِيٍّ، وَلَا اقْتِضَاءٍ عَقْلِيٍّ. انتهى.

فربما لكون إحسان الوالدين للأبناء هو المطرد لم تكثر النصوص فيه، وجاء في شرح الحمد لقواعد السعدي: قال المصنف رحمه الله: والوازع الطبعي عن العصيان... كالوازع الشرعي بلا نكران، ذكر في هذا البيت أن الوازع الطبعي كالوازع الشرعي، والوازع الشرعي معروف، وهو: أن يكون هناك رادع من الشرع يمنع من المعصية، فحد الزنا وازع شرعي يمنع من المعصية، لكن هناك معاص تنفر منها الطباع، فالنفوس الطيبة أو النفوس في العادة تنفر من هذا الفعل كأكل النجاسة مثلاً، فهذا النفور وازع طبعي، وحينئذ لا يحتاج إلى وازع شرعي يحرم أكل النجاسات، فالشرع إنما وضع الحدود فيما يحتاج إلى حد يمنع الناس من فعله، وأما ما كانت الطباع تنفر منه: فإن العادة أنه لا حد فيه، لأن نفور الناس يكفي في المنع منه، لكن إن فعل شخص هذا الأمر الذي تنفر منه الطباع فإن فيه التعزير، لأن المعصية التي لا حد فيها يكون فيها تعزير.

ولعل هذا أيضا هو السبب الذي من أجله تجد الدعاة يركزون في أحاديثهم حول عقوق الآباء دون الأبناء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني