الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشماتة.. معناها.. وعقوبتها

السؤال

ما هي الشماتة؟ وإذا رأيت أحدا حصل له موقف محرج أو غير ذلك, ثم ضحكت عليه، فهل يعد هذا من الشماتة؟ وهل سيحصل لي نفس الموقف أو موقف مشابه؟ وهل إذا عيرت أحدا بذنب سأفعل هذا الذنب في المستقبل ـ والعياذ بالله؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالشَّماتةُ ـ كما قال أهل اللغة ـ معناها: فرحُ العدُوّ ببلّيةٍ تنزلُ بمعاديهِ ـ وقد ورد نهي المسلم أن يشمت بأخيه المسلم ويفرح أو يضحك مما ينزل به من بلاء أو مكروه، لما في ذلك من إحزانه وأذيته بغير حق، وقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}.

ولأنه لا يكمل إيمان أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تظهر الشماتة لأخيك، فيعافيه الله ويبتليك. رواه الترمذي وقال: حسن غريب.

وكان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله منها ويقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوَذُ بِكَ مِنْ سُوءِ الْقَضَاءِ، وَدَرْكِ الشَّقَاءِ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ. رواه البخاري.
ومن عَير أخاه بشيء مما يكره من ذنب أو غيره يوشك أن يقع هو في ذلك الذنب أو المكروه، جاء في شرح السنة للبغوي: وَرُوِيَ عَن خَالِد بْن معدان، عَن معَاذ بْن جبل، قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من عير أَخَاهُ بذنب، لم يمت حَتَّى يعمله ـ وَإِسْنَاده غير مُتَّصِل.. وَرُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ الشَّامِيِّ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ فَيَرْحَمُهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ ـ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَوْ سَخِرْتُ مِنْ كَلْب، لَخَشِيتُ أَنْ أَحُورَ كَلْبًا.
وقال ابن القيم في مدارج السالكين عند قول الهروي: وَكُلُّ مَعْصِيَةٍ عَيَّرْتَ بِهَا أَخَاكَ فَهِيَ إِلَيْكَ ـ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ: أَنَّهَا صَائِرَةٌ إِلَيْكَ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَعْمَلَهَا، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ ـ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ: مِنْ ذَنْبٍ قَدْ تَابَ مِنْهُ، وَأَيْضًا فَفِي التَّعْيِيرِ ضَرْبٌ خَفِيٌّ مِنَ الشَّمَاتَةِ بِالْمُعَيَّرِ، وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا مَرْفُوعًا: لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ، فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيَكَ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني