الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلبت مني أختي تسريح شعرها، ولا أعلم أبلغت أم لا، فما الحكم؟

السؤال

أختي لا أعرف‎ ‎إذا كانت قد بلغت أم ‏لا، وهي تلبس لباسًا متبرجًا، وطلبت ‏مني أن أساعدها في تسريح شعرها، ‏وخرجت من المنزل بهذا اللباس،‏ فماذا عليّ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب على الأخ صيانة أخته من الفتن، ومناصحتها، وتعليمها ما تحتاج إلى معرفته من أحكام الشرع من الواجبات، والمحرمات، لا سيما إذا قاربت البلوغ، ولم يسبق لها تعلم تلك الأحكام الشرعية؛ لقول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم:6}.

وقال الشيخ رشيد رضا في تفسيره المنار: والقيام بذلك من البر المأمور به نحو الأخوات إذا قصر فيه الوالدان، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: بِرَّ أُمَّكَ، وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ، وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ. رواه الحاكم. وصححه الألباني.

ولا أثر لجهل الأخ ببلوغ أخته في محل السؤال؛ لأن مناط منع السفور والتبرج ليس البلوغ فقط، بل السن أيضًا، فإذا بلغت الفتاة سن العاشرة، فعورتها أمام الأجانب كعورة البالغة، وهو قول الحنفية، والحنابلة، ورجحه العلامة الزحيلي بعد ذكره لأقوال المذاهب الأربعة في عورة الصغيرة بقوله: ويظهر لي أن هذا الرأي -رأي الحنابلة- ورأي الحنفية أولى لاتفاقه مع حديث الأمر بالصلاة لسبع، والضرب عليها لعشر. انتهى من كتابه الفقه الإسلامي وأدلته.

وهو ما ملنا إليه في الفتوى رقم: 112255 في بيان عورة الصغيرة عمومًا، ومحل ذلك كله ما لم تكن الفتاة مشتهاة، أو خشيت عليها الفتنة قبل ذلك.

فإذا تقرر ما سبق؛ فالواجب على الأخ أن يمنع أخته من الخروج من البيت سافرة، حاسرة الرأس، متبرجة إذا بلغت العاشرة، أو خشي عليها الفتنة، وإن كانت دون ذلك، بل عليها الالتزام بالحجاب الشرعي أمام الأجانب، فإذا عجز عن منعها والحالة هذه، فلا أقل من الإنكار عليها، والامتناع عن إعانتها على المنكر بتسريح شعرها في هذه الحالة؛ لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

وأما إن كانت دون العاشرة، وأمن عليها الفتنة، فلا ينبغي التشديد في ذلك، ولا بأس بإعانتها على تسريح شعرها عندئذ، وإن كان الأولى من ذلك ترغيبها في القرار في بيتها، وألا تخرج إلا لحاجة بحجابها الشرعي، وذلك حتى تألفه، ولا يشق عليها بعد ذلك التزامه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني