الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يؤاخذ من يقع بالكفر تحت قهر الشياطين وتسلطهم

السؤال

أنا مريض بالجن، ومريض مرضا غريبا من نوعه، ليس لدي مشاعر كبقية الناس، لا أشعر بالمعصية، ولا الكفر، فقد أرتكب كفرا خاصة الاستهزاء بشيء من أمور الدين. وأريد العلم متى يجب علي إلزاما أن أتلفظ بالشهادتين إلزاما لا يصح إسلامي بدونه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فانا نسأل الله لنا ولك العافية، ونوصيك بعلاج نفسك بالرقية الشرعية، والمواظبة على التعوذات والالتزام بالطاعة والبعد عن المعاصي. وقد قدمنا الرقية الشرعية بالفتوى رقم : 80694.

وأما ما يحصل منك فإنك لا تعتبر مؤاخذا به إن كان حصل بسبب تسلط الجن عليك وأنت لا تشعر، فان الإنسان لا يقع في الكفر إذا صدر منه تصرف قولي أو فعلي من دون شعور منه، فقد قال القرطبي في تفسيره: وليس قوله: أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون. بموجب أن يكفر الإنسان وهو لا يعلم، فكما لا يكون الكافر مؤمنا إلا باختياره الإيمان على الكفر، كذلك لا يكون المؤمن كافرا من حيث لا يقصد إلى الكفر ولا يختاره ـ بإجماع ـ كذلك لا يكون الكافر كافرا من حيث لا يعلم. اهـ.

ونوصيك بالبعد عن الوسوسة في أمور الاستهزاء والكفر والاعراض الكلي عن الاسترسال مع الشيطان في التفكير فيها، فقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة، هل له دواء؟ فأجاب بقوله: له دواء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها... فتأمل هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته، واعلم أن من حرمه فقد حرم الخير كله، لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يخرجه من الإسلام وهو لا يشعر: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا {فاطر: 6}... وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته، فقالوا: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني، وأن إبليس هو الذي أورده عليه، وأنه يقاتله فيكون له ثواب المجاهد، لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فر عنه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني