الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تمتع الزوج أو الزوجة بأعضائهما أثناء تمتع الآخر

السؤال

إذا كان يجوز استمناء الزوج بيد الزوجة، واستمناء الزوجة بيد الزوج، فكيف تمنع المرأة نفسها من التمتع بلمس أعضائها الجنسية عند قيام الزوج بمداعبة هذه الأعضاء، وكيف يمنع الرجل نفسه من لمس أعضائه، إذا كانت الزوجة يجوز لها لمسها، ومداعبتها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد بيّنت آيات القرآن الصريحة، وأحاديث السنة الصحيحة بيانًا بينًا شافيًا، ما يحل، وما لا يحل مما يتعلق بالفروج من المتعة الجنسية بدلالة محكمة، وبصورة متكاملة؛ قال الله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {المؤمنون:5ـ7}.

فقد نفى الله الملامة عن الاستمتاع بالزوجة، والمملوكة، فدل على إباحة المتعة بهما، ثم بين أن ما وراء ذلك من ألوان إمتاع الفروج من العدوان ، فدل على عموم حرمة الإمتاع بغير الزوجة، والأمة بكل أشكاله وأحواله.

ثم جاءت السنة المطهرة فاستثنت من المتعة الخاصة بالزوجة، والأمة الوطءَ في الحيضة، والدبر فحرمتهما.

فإذا تقرر ذلك، تبين أن حرمة الإمتاع الجنسي الذاتي، داخلة في عموم الحرمة، كان ذلك الإمتاع الذاتي أثناء مداعبة الزوجة، أو بشكل مستقل عنها، أدى ذلك إلى خروج المني، أو لم يؤد، والرجال والنساء في ذلك على حد سواء.

ولا يصح قياس المداعبة المحرمة على المداعبة المباحة، فهذا قياس مردود بحسب قواعد علم أصول الفقه؛ لأنه قياس معارض للنص القرآني، ويسميه علماء الأصول فساد الاعتبار.

قال صاحب مراقي السعود:
والخلف للنص أو إجماع دعا *فساد الاعتبار كل من وعى.

وقد أوضح ذلك العلامة الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في تفسير آية سورة المؤمنين المتقدمة حيث قال: فالله جل وعلا قال: (والذين هم لفروجهم حافظون) ولم يستثن من ذلك البتة إلا النوعين المذكورين في قوله تعالى: (إلا على أزواجهم، أو ما ملكت أيمانهم) فصرح برفع الملامة في عدم حفظ الفرج عن الزوجة، والمملوكة فقط، ثم جاء بصيغة عامة شاملة لغير النوعين المذكورين، دالة على المنع وهي قوله: (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) وهذا العموم لا شك أنه يتناول بظاهره ناكح يده، وظاهر عموم القرآن لا يجوز العدول عنه، إلا لدليل من كتاب، أو سنة يجب الرجوع إليه. أما القياس المخالف له، فهو فاسد الاعتبار كما أوضحنا، والعلم عند الله تعالى.

وأخيرًا يجب العلم بأننا متعبدون بما دلت عليه نصوص الشرع، وإن لم يتبين لنا وجه الفرق بين المداعبة المباحة بيد الزوج، أو الزوجة، والمداعبة المحرمة بيد الشخص نفسه، ومقتضى الإسلام الاستسلام لأحكام الشرع، وعدم معارضتها بأقيسة العقل.

قال الإمام الطحاوي في عقيدته: وَلَا تَثْبُتُ قَدَمُ الْإِسْلَامِ إِلَّا عَلَى ظَهْرِ التسليم والاستسلام. اهـ.

وشرح هذه الجملة ابن أبي العز في شرحها فقال: أَيْ: لَا يَثْبُتُ إِسْلَامُ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ لِنُصُوصِ الْوَحْيَيْنِ، وَيَنْقَادُ إِلَيْهَا، وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهَا، وَلَا يُعَارِضُهَا برأيه، وَمَعْقُولِهِ، وَقِيَاسِهِ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أَنَّهُ قَالَ: مِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ، وَمِنَ الرَّسُولِ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ. وَهَذَا كَلَامٌ جَامِعٌ نَافِعٌ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني