الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحق للأم أن تغضب على الابن إذا لم ينفذ أوامرها ولو في معصية؟

السؤال

هل يجوز للأم أن تغضب على الابن إذا لم ينفذ أوامرها، حتى لو كانت في شيء مغضب لله، وأن تدعو على ابنها إما أن ينفذ طلباتها باختيارها مثلًا زوجة له، وهو لا يرضى بها، أو تدعو عليه، وما الحكم في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فمن المعلوم أن إغضاب الوالدة يعد كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأنه عقوق، وقد روى الترمذي في سننه، وصححه الألباني من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ.

ولكن ليس من حقها أن تغضب على ولدها لكونه لم يطعها في معصية الله، ولا طاعة لها في معصية الله تعالى؛ وقد جاء في الحديث الصحيح: لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ. متفق عليه.

وما ورد من الوعيد في إغضاب الوالدين، كالحديث السابق، إنما هو فيما لم يخالف شرع الله تعالى، كما قال المناوي في فيض القدير عند شرحه لحديث: رِضا الرَّبِّ فِي رِضا الوَالِدِ، وَسُخْطُ الرَّبِّ فِي سُخْطِ الوَالِدِ .

قال: وهذا ما لم يشهد شاهد أبوة الدين بأن الوالد فيما يرومه خارج عن سبيل المتقين، وإلا فرضى الرب في هذه الحالة في مخالفته. اهـ.

وهي منهية أيضًا شرعًا عن أن تدعو على ولدها بما فيه ضرر، كما في صحيح مسلم مرفوعًا: لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ. اهــ.

وقد نص الفقهاء على عدم جواز الدعاء على الأولاد.

ففي فتاوى اللجنة الدائمة: ولا يجوز الدعاء عليهم. اهـ.

وجاء في حاشية الشرواني على تحفة المنهاج: وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى وَلَدِهِ، أَوْ نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ خَدَمِهِ؛ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ ... وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّعَاءِ الدُّعَاءُ بِنَحْوِ الْمَوْتِ، وَأَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، كَالتَّأْدِيبِ، وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ بِلَا حَاجَةٍ لَا يَجُوزُ عَلَى الْوَلَدِ، وَالْخَادِمِ. اهــ.

وقد بينا في فتاوى سابقة أنه لا يلزم الولد طاعة والديه في الزواج من امرأة لا يريدها؛ وانظري الفتوى رقم: 217291، والفتوى رقم: 207211 ، والفتوى رقم: 156101.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني